مخاطر التصفيق الدائم
اعتادت، أو عُوّدت، الشعوب العربية على التصفيق الدائم لحكامها الملهمين المعصومين الذين لا يأتيهم الباطل من بين يديهم ولا من خلفهم!!!
الطريف في هذه العادة العربية الأصيلة! أن الشعوب تمارسها حتى لو كانت قرارات الحكام متناقضة.
يروى أن الزعيم المصري جمال عبد الناصر خطب في جمع غفير من القيادات العسكرية والمدنية عقب إعلان دمشق إنهاء الوحدة مع مصر عام 1961.
قال عبد الناصر بلهجة قوية إنه أمر القطعات البحرية العسكرية المصرية بالتحرك فورا إلى السواحل السورية، فطفق الحضور بالتصفيق الحاد الذي استمر دقائق معدودة، معبرين بذلك عن إعجابهم بحزم وقوة صلابة القائد الذي لن يتهاون في حماية مشروع الوحدة بين مصر وسوريا التي أنتجت الجمهورية العربية المتحدة حتى لو اضطر لاستخدام القوة المسلحة.
بعد انتهاء التصفيق تابع عبد الناصر خطابه قائلا: لكني قلت إنه لا يجوز للسلاح العربي أن يوجه للصدر العربي، فأمرت القطعات البحرية بالعودة، فصفق الجميع كذلك عدة دقائق، معبرين عن إعجابهم بالزعيم الإنسان.
الطريف أيضا أن الشعوب لكونها تدجنت على التصفيق، فإنها تصفق للحكام المتغلبين الجدد، وتثني على قراراتهم التي تطعن بل تخون قرارات من قبلهم، وهي القرارات التي حظيت حينها بتصفيق وترحيب حارين، ومنحت من الألقاب مثل: الحكيمة والملهمة والصائبة والمسددة.
تأصلت هذه العادة لدرجة أن الحاكم ذاته عندما يطلب من رعيته تقديم ملاحظات على قراراته أو سياساته أو توجهاته، فإنها تقْدم فقط على التصفيق الحار لزعيمها الديمقراطي والشوري الذي يحب أن يشاركه الشعب قراراته!!
لن أحدثكم عن مخاطر هذه العادة، وأكتفي بالطلب إليكم النظر في أحوال الشعوب العربية هذه الأيام.