فلسطين

104 أعوام على وعد بلفور المشؤوم ..

الشاهين الاخباري

104 سنوات مرت على وعد بلفور المشؤوم بناء على المقولة المزيفة “أرض بلا شعب لشعب بلا أرض” … فما هو وعد بلفور؟!

وعد بلفور او تصريح بلفور (Balfour Declaration) هى الرسالة اللى ارسلها آرثر جيمس بلفور بتاريخ 2 نوفمبر 1917 الى اللورد ليونيل والتر دى روتشيلد يشير فيها لتأييد حكومة بريطانيا لإنشاء وطن قومي لليهود فى فلسطين. وقد صدر بعد اتفاقية الامير فيصل ممثل ملك الحجاز مع حاييم وايزمان الصهيوني وأول رئيس لدولة اسرائيل اللي وقعت سنة 1915، وتم اعتمادها فى اتفاقية باريس سنة 1919 لتطبيق وعد بلفور.

وتاليا نص الرسالة(مترجمة):

وزارة الخارجية

في الثاني من نوفمبر/ تشرين الثاني سنة 1917

عزيزي اللورد روتشيلد

يسرني جداً أن أبلغكم بالنيابة عن حكومة جلالته، التصريح التالي الذي ينطوي على العطف على أماني اليهود والصهيونية، وقد عرض على الوزارة وأقرته:

“إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى إقامة مقام قومي في فلسطين للشعب اليهودي، وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية، على أن يفهم جلياً أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة في فلسطين، ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في أي بلد آخر”.

وسأكون ممتناً إذا ما أحطتم الاتحاد الصهيوني علماً بهذا التصريح.

المخلص

آرثر جيمس بلفور

وكانت الحكومة البريطانية قد عرضت نص تصريح بلفور على الرئيس الأمريكي ولسون، ووافق على محتواه قبل نشره، ووافقت عليه فرنسا وإيطاليا رسميا سنة 1918م،  ثم تبعها الرئيس الأمريكي ولسون رسمياً وعلنياً سنة 1919م؛ وكذلك اليابان.  وفي25 نيسان سنة 1920م، وافق المجلس الأعلى لقوات الحلفاء في مؤتمر “سان ريمو” على أن يعهد إلى بريطانيا بالانتداب على فلسطين، وأن يوضع وعد بلفور موضع التنفيذ حسب ما ورد في المادة الثانية من صك الانتداب، وفي 24 تموز من عام 1922م وافق مجلس عصبة الأمم المتحدة على مشروع الانتداب الذي دخل حيز التنفيذ في 29 أيلول من عام 1923م، وبذلك يمكننا القول: إن وعد بلفور كان وعداً غربياً وليس بريطانياً فحسب.

في المقابل اختلفت ردود أفعال العرب تجاه التصريح بين الدهشة، والاستنكار، والغضب.  وبهدف امتصاص حالة السخط والغضب التي قابل العرب بها وعد بلفور؛ أرسلت بريطانيا رسالة إلى الشريف حسين، بواسطة الكولونيل باست تؤكد فيها الحكومة البريطانية أنها لن تسمح بالاستيطان اليهودي في فلسطين إلا بقدر ما يتفق مع مصلحة السكان العرب من الناحيتين الاقتصادية والسياسية؛ ولكنها في الوقت نفسه أصدرت أوامرها إلى الإدارة العسكرية البريطانية الحاكمة في فلسطين، بأن تطيع أوامر اللجنة اليهودية التي وصلت إلى فلسطين في ذلك الوقت برئاسة حاييم وايزمن (خليفة هرتزل)؛ كما عملت على تحويل قوافل المهاجرين اليهود القادمين من روسيا وأوروبا الشرقية إلى فلسطين، ووفرت الحماية والمساعدة اللازمة لهم.

أما الشعب الفلسطيني فلم يستسلم للوعود والقرارات البريطانية والوقائع العملية التي بدأت تفرضها على الأرض الحركة الصهيونية وعصاباتها المسلحة؛ بل خاض ثورات متلاحقة، كان أولها ثورة البراق عام 1929م، ثم تلتها ثورة 1936م .

من جهتها اتخذت الحركة الصهيونية العالمية وقادتها من هذا الوعد مستنداً قانونياً لتدعم به مطالبها المتمثلة في إقامة الدولة اليهودية في فلسطين، وتحقيقاً لحلم اليهود بالحصول على تعهد من إحدى الدول الكبرى بإقامة وطن قومي لهم، يجمع شتاتهم بما ينسجم وتوجهات الحركة الصهيونية بعد انتقالها من مرحلة التنظير لأفكارها إلى حيز التنفيذ في أعقاب المؤتمر الصهيوني الأول الذي عقد في مدينة بازل بسويسرا عام 1897م، والذي أقرّ البرنامج الصهيوني، وأكد على أن الصهيونية تكافح من أجل إنشاء وطن للشعب اليهودي في فلسطين.

ولعل الدوافع والأسباب التي  قادت بريطانيا إلى تبني وإصدار هذا الوعد كثيرة، تقف في مقدمتها، حسب رأي  السياسيين والمؤرخين، تلاقي المصالح الاستعمارية وتقاطعها مع الحركة الصهيونية انطلاقاً من القيمة الإستراتيجية لفلسطين باعتبارها بوابة العبور إلى آسيا. وفي هذا الإطار وصف تيودور هرتزل دور الدولة اليهودية في فلسطين بقوله: “سنكون بالنسبة إلى أوروبا، جزءاً من حائط يحميها من آسيا، وسنكون بمثابة حارس يقف في الطليعة ضد البربرية”. وهناك دوافع وأسباب أخرى، منها: رغبة بريطانيا في كسب تأييد يهود العالم لها أثناء الحرب العالمية الأولى، ولتقليص موجات الهجرة اليهودية نحو أوروبا وتحويلها باتجاه فلسطين؛ لما تحمله هذه الهجرات من أعباء وتبعات تضر ببريطانيا ودول أوروبا الأخرى بشكل عام.

أما بلفور نفسه فبرّر إصدار الوعد انطلاقاً من دوافع إنسانية، في حين رأت فيه مصادر إسرائيلية تاريخية مكافأة للباحث حاييم وايزمن لخدمته بريطانيا باكتشافات علمية خدمت الأنشطة العسكرية البريطانية إبان الحرب العالمية الأول.

لقد جعل تصريح بلفور فلسطين وطناً لليهود وهم ليسوا سكان فلسطين، حيث لم يكن في فلسطين من اليهود عند صدور التصريح سوى خمسين ألفاً من أصل عدد اليهود في العالم حينذاك، والذي كان يقدر بحوالي 12 مليوناً، في حين كان عدد سكان فلسطين من العرب في ذلك الوقت يناهز 650 ألفاً من المواطنين الذين كانوا، ومنذ آلاف السنين يطورون حياتهم في بادية وريف ومدن هذه الأرض. ولكن الوعد المشؤوم تجاهلهم ولم يعترف لهم إلا ببعض الحقوق المدنية والدينية، متجاهلًا حقوقهم السياسية والاقتصادية والإدارية.

فضلا عن ذلك، فان هذا الوعد يتعارض مع أحد أهم مبادئ القانون الدولي، ألا وهو مبدأ حق تقرير المصير الذي طالما نادى به الحلفاء وادعوا أنهم منحازون إليه وساعون إلى تطبيقه في كل مكان؛ ولكن الوعد الذي أصدره وزير خارجية بريطانيا (أحد أركان تحالف الحلفاء في الحرب العالمية) تنكر لحقوق الشعب الفلسطيني الحق به ظلمًا تاريخيًا لا نزال نعيش تداعياته حتى يومنا هذا.

ما زالت الجريمة التي كان ضحيتها الشعب الفلسطيني ماثلة أمام العالم، ولم تزل آثارها ترهق كاهل الشعب الفلسطيني الذي تستمر معاناته بسبب هذا الوعد؛ فالنكبة شرّدتهم من ديارهم عام 1948م، ودمرت بيوتهم عام 1967م، ولا زال القتل والتدمير وكل أشكال الانتهاكات مستمرة حتى اللحظة.

ما زالت دولة الاحتلال تجد من يعدها بالحماية والدعم والرعاية والتفوق العسكري وغض الطرف عن أفعالها وجرائمها بحق الشعب الفلسطيني؛ بل يقدم “صفقة القرن” التي تعد امتدادًا لوعد بلفور بهدف  شطب القضية الفلسطينية وتصفيتها. 

أن الأجيال الفلسطينية المتعاقبة لن تغفر لمن ارتكب هذه الجريمة المستمرة التي كانت الأساس في تشريد الشعب الفلسطيني من وطنه ومعاناته في مخيمات اللجوء والشتات، وستفشل كافة المشاريع والخطط الهادفة لضرب مشروعنا الوطني، وستبقى متمسكةً بحقوقها غير القابلة للتصرف في الحرية والاستقلال والعودة.

زر الذهاب إلى الأعلى

You cannot copy content of this page