عالم الطفولة

كيفية تجنب التربية السيئة ؟؟

الشاهين الاخباري

في سنك فعلت كذا وكذا”، جملة مألوفة نسمعها عادة من آبائنا الذين يرون أنفسهم مرجعا تربويا نفشل إن لم نتطابق مع معاييره. يتناقل الكثير منذ الأزل بمُختلف الثقافات والمجتمعات أساليب مُتعددة للتربية، حيث يُعتبر تناقل النُصح بين الآباء من أكثر الأساليب التربوية شيوعا؛ فهي مُجربة ونتائجها مؤكدة. إذ تكتسب هذه النصائح ثقة مُتلقيها لأنها بعيدة عن الكلام المُنمق المُدون في الكتب، وتكتسب ثقة أكبر مع مرور السنوات وانتقالها من الجد للأب للابن الذي سيُصبح أبا ناصحا فيما بعد. هذه النصائح النظرية يغلب عليها الطابع الموروث دون دراسة تُثبت كفاءتها من عدمها، وفي الكثير من الأحيان يُستهان بالعديد من الآثار الجانبية التي تُخلفها النصيحة على نفسية الطفل؛ التي بإمكانها -بكل بساطة- أن تخل توازنه النفسي.


وتتكون الأساليب غير السوية والخاطئة في تربية الطفل اما لجهل الوالدين في تلك الطرق او لأتباع أسلوب الآباء والأمهات والجدات او لحرمان الأب او الأم من اتجاه معين فالأب عندما ينحرم من الحنان في صغره تراه يغدق على طفله بهذه العاطفة او العكس بعض الآباء يريد ان يطبق نفس الأسلوب المتبع في تربية والده له على ابنه وكذلك الحال بالنسبة للأم
وسأتطرق هنا لتلك الاتجاهات الغير سوية والخاطئة التي ينتهجها الوالدين او احدهما في تربية الطفل والتي تترك بآثارها سلبا على شخصية الأبناء

الأثر النفسي على الطفل

التربية الخاطئة للطفل مشكلتها في أثرها النفسي الممتد طول الحياة، فما يجب أن يعلمه الآباء هو أن ما يربون أطفالهم عليه يظل معهم وداخلهم طوال سنين حياتهم. فلو كان القمع هو التربية التي حفرتموها في نفوس هؤلاء الأطفال، إذًا أنت في مشكلة كبيرة لأنك ستحصد في النهاية نفسية مشوهة جدًا لا يستحقها هذا الطفل المسكين عندما يكبر ويصير رجلًا أو تكبر وتصير امرأة ناضجة.

القمع

الأثر النفسي الذي يخلفه القمع في الطفل هو أثر بشع يحول الطفل إلى شيء من الاثنين، إما طفل عنيد بطريقة غير طبيعية وليس لها علاج. إما طفل جبان جدًا بدون شخصية وضعيف لدرجة أنك لا تستطيع الاعتماد عليه في أي شيء. الاحتمال الأول أثره لا يقف عند الطفل بل يقف عند كل من يتعامل مع هذا الطفل الذي سيصبح رجل أو امرأة فيما بعد. فأنتم كأم وأم ستكونون قد صنعتم عقلية متحجرة تعاند أي شيء ليس على هواها. لمجرد أن هذا العناد يشعره أنه قوي ويقاوم أبيه وأمه الذي كانوا يحاولون أن يقمعوه وهو صغير. إنما الآن هو كبير ولا أحد يستطيع أن يجبره على شيء، وغالبًا يكون عنيف. أما الاحتمال الآخر فهو شخص هين وغير قوي ولا يُعتمد عليه ويكون الأب والأم لهم اللوم في هذا. وغالبًا ستكون حياته فقيرة وتعسه لأنه مقموع نفسيًا ولا يستطيع الخروج من هذا القمع.

حل مشكلة القمع

حلول التربية الخاطئة كامل مسئوليتها على الأب والأم وليس الأولاد. فالأولاد هم المتلقين أما الأب والأم هم مصدر التلقين، هم الذي يشكلون نفسيات أطفالهم. ولذلك قبل أن تقمع طفلك فكر في النتائج التي ذكرناها في الفقر ة السابقة. هل تحب أن ترى طفلك مسخ عنيد لا يوافق على شيء ولا يتعامل مع الناس بشكل اجتماعي، لأن أي شخص سيختلف معه سيعانده كالبهيم دون فصال؟ أو هل ستحب طفلك شخص تعس جبان الجميع يضربونه ويقمعونه؟ بالطبع لن تقبل، لأنهم امتدادك في هذه الحياة. ولذلك حاول أن تتعامل بصبر شديد جدًا مع أطفالك، ليس بصبر عادي بل صبر شديد. فما تفعله في توفير حاجيات الحياة من عمل لا يساوي أبدًا مقدار التشوه النفسي الذي تسببه لطفلك عندما تقمعه. هذا الصبر سيكون معه ملاحظة ونصح بطريقة طفولية، وليست طريقتك أنت ومحاولة تهذيب وتقويم لسلوك الطفل لو كان عنيد. عن طريق المكافأة والتحفيز، قل له أنه لو فعل هذا الشيء ستعطيه لعبة جميلة في المعاد الفلاني. ونفذ وعدك حتى ينفذ فيما بعد طلباتك وهو يعلم أنك تقدر هذه الطاعة

التفرقة


ويعني عدم المساواة بين الأبناء جميعا والتفضيل بينهم بسبب الجنس او ترتيب المولود او السن او غيرها نجد بعض الأسر تفضل الأبناء الذكور على الإناث او تفضيل الأصغر على الأكبر او تفضيل ابن من الأبناء بسبب انه متفوق او جميل او ذكي وغيرها من أساليب خاطئة


وهذا بلاشك يؤثر على نفسيات الأبناء الآخرين وعلى شخصياتهم فيشعرون الحقد والحسد تجاه هذا المفضل وينتج عنه شخصية أنانية يتعود الطفل ان يأخذ دون ان يعطي ويحب ان يستحوذ على كل شيء لنفسه حتى ولو على حساب الآخرين ويصبح لا يرى الا ذاته فقط والآخرين لا يهمونه ينتج عنه شخصية تعرف مالها ولا تعرف ما عليها تعرف حقوقها ولا تعرف واجباتها .

حل مشكلة التفرقة

الابتعاد عن أسلوب المقارنة باستمرار حتى ولو على سبيل التحفيز (مثل مقارنة الأداء الدراسي لطفل بالنسبة للأخ الآخر).

عدم إبداء اهتمام كبير بالطفل الصغير بصورة لافتة للنظر، خاصة أمام أخيه الذي يكبُره مباشرة كي لا يفسر ذلك بأنه نوع من التمييز بينه وبين أخيه، ومن الضروري أيضًا عدم ذكر السلبيات في الطفل وتجريحه أمام إخوته عندما يخطئ، بل مناقشة ذلك معه على انفراد.


قد تكون هنالك بعض الظروف التي تضطر الآباء إلى الاهتمام بطفل أكثر من الآخر لأسباب مختلفة، مثل الحالات الاستثنائية عندما يكون الطفل الذي يتم تمييزه يعاني من مرض مزمن يستدعي اهتمام الوالدين وتفضيلهم، وحالات أخرى مثل تمييز الطفل الأصغر في السن. في مثل هذه الحالات، يجب أن تقوم الأم بشرح مبسط للطفل الأكبر في السن عن ضرورة توفير الرعاية للأخ الأصغر حتى يتسنى له أن يكبر ويصبح مثل أخيه، أو في حالة الطفل المريض فيجب على الأم أن تشرح للأخ السليم عن أهمية الاعتناء بأخيه المريض. وبذلك يتم استبدال المشاعر السلبية مثل الغيرة والشعور بعدم الاهتمام بمشاعر أكثر إيجابية مثل العطف والاهتمام بالأخ الأصغر أو الأخ المريض.


الإهمال

من أسوء أشكال التربية الخاطئة هو إهمال الأطفال وعدم الاهتمام بهم. فهذا الأمر ليس بسيط، لأن عدم الاهتمام لن يؤثر فقط على نفسية الطفل بل هو سيؤثر أيضًا على حياة الأطفال. فهناك بعض الآباء والأمهات الذي لا يبالون بأطفالهم من الأساس، لا من حيث النظافة، ولا من حيث النفسية، ولا من حيث الأكل، ولا من حيث أي شيء على الإطلاق. وهذا يظهر جليًا في الأماكن التي يكون فيها الأب والأم لديهم العديد من الأبناء. فهناك أسر يكون عدد الأطفال فيها أكثر من عشر أطفال والغريب أن غالبًا مثل هذا النوع من الأسر يكون فقير من الأساس. ولذلك يكون تقريبًا نمط التربية الخاطئة والإهمال هو شيء طبيعي في حياة هذه الأطفال، بل هو أسلوب حياة ينشئون عليه. فلا يوجد أكل كافي ولا يوجد عقل كافي لعشرة أطفال ولا يوجد مال كافي حتى يتعلم هؤلاء العشرة. الموضوع يعد كارثة بكل المقاييس لأنه في الأخير سينتج عشرة أشخاص دون تربية من الأساس. محرومين ويشعرون بكل أنواع الاحتياج والكبت على مدار سنين عمرهم، كل هذا غير الجهل الذي يجعلهم في الأخير أموات بالحياة.

الأثر النفسي الناتج من الإهمال

مشكلة الإهمال تجعل الطفل يبدأ في الاستعانة ببدائل طوال الوقت. فليس هناك عاطفة أبوية أو أمومية، لذلك سيبدأ الطفل في الانحدار نحو الشارع أو نحو الأصدقاء أو نحو الذهاب إلى مكان يجد فيه بديل لك وشيء هو محروم منه. ليس هذا فقط، فالإهمال يعطي الأطفال حرية ليست في وقتها أو معادها الطبيعي، بل الحرية يجب أن تكون بشكل أكثر رقابة. ولأن نمط التربية الخاطئة يكون نتيجة لوجود عدد كبير من الأطفال وعدم توافر الموارد المادية، فيبدأ الأبوين في ترك الأطفال دون رقابة ليفعل الأولاد ويعرف الأطفال أشياء ليست في موعدها ولا مكانها الصحيح. ولذلك الانحراف لدى الأطفال يبدأ من فكرة إهمال الأطفال.

التدليل

طريقة أخرى من طرق التربية الخاطئة هي التدليل. فمثلما التسلط والقسوة يشوهون النفسية الطفولية، أيضًا التدليل يفعل هذا وبصورة كبيرة أيضًا. تدليل الطفل يكون في الأسرة بطرق كثيرة جدًا ومختلفة أيضًا. مثلًا هناك تدليل معنوي بمعنى أن مهما فعل الطفل من أخطاء فلن يكون هناك عقاب له، بل سيكون هناك تدليل وعدم اهتمام بالخطأ. أيضًا هناك تدليل مادي وهو عبارة عن أن الطفل في عمر صغير يمتلك أشياء كثيرة على أن يمتلكها طفل مثله. ليس هذا فقط، أن كل ما يريده الطفل من أكل أو شرب أو حلوى أو ألعاب، أبيه وأمه يأتيان بها لأجله دون أن يبذل الطفل أي مجهود. بل فقط كل ما عليه أن يفعله هو أن يطلب هذا الشيء فقط وهما سيحضرانه له.

الأثر السلبي النفسي للتدليل

التربية الخاطئة لها أشكال كثيرة بالفعل، ولكن التدليل شكل غريب من أشكال التربية الخاطئة. حيث أنك في الظاهر لا تعرف أن تدين هذا الاهتمام الزائد أو تمدحه وتقول إن هذا جيد. الأمر غريب بعض الشيء، ولكن الفكرة الأساسية هي أن حكمك على مثل هذه الأمور يكون من النتائج التي تخلفها مثل هذه الأنماط من التربية الخاطئة. وهنا النتيجة غالبًا سلبية، لأن الطفل سيكبر دون أي شعور بالمسئولية. بل هو مجرد طفل يعيش بطريقة أبيه وأمه وعلى هذا الأساس سينضج الطفل على الأنانية المفرطة والرغبات التي لا ترد. ولذلك عندما يتعامل مع أشخاص مختلفين غير أبيه وأمه سينصدم بالواقع معهم، وأنهم لن يعطوه ما يريد. وسيكون هذا جليًا في الزواج، فهذا الرجل المدلل من أمه لن يجد زوجته تعطيه كل شيء دون مقابل، بل هي أيضًا تحتاج إلى مقابل. ونفس الفكرة بالنسبة للفتاة المدللة. ومن هنا نجد أن الفكرة نفسها مؤذية للطفل.

علاج التدليل الزائد

الاتزان هو علاج هذا النمط من التربية الخاطئة. حيث أنك لا يجب أن تبالغ في التدليل بطريقة مفرطة، ولكن أيضًا عليك بالاهتمام بالطفل. ولكن دون أن تجعل من الطفل شخص أناني.

زر الذهاب إلى الأعلى