أقلام حرة

الووو … سكر تمك

العميد المتقاعد زهدي حان بيك
في أمسية مجتمعية رائعة دار حوار سياسي بامتياز ، حضره خليط من المثقفين والحزبيين والمسؤولين عن الاحزاب وعديموا الانحياز “ان جاز التعبير” ….

تناول الحوار قوانين الاحزاب والانتخابات السابقة واللاحقة وتاريخ الاحزاب في الاردن وانظمة تمويل الاحزاب الحكومية التي افسدت البلاد والعباد …

وحاول “المؤتمرون” الوصول الى اسباب هذا الفساد والافساد الحزبي وطرق معالجته بما يضمن “الخروج الآمن من عنق الزجاجة” …

وبعد شد وجذب و”لاحني ولحته ومن شدة عزمي جابني تحته”… توصل المتحاورون الى ان السبب الرئيسي لهذا الفساد المستشري هو العزوف عن الزراعة… والزحف الدائم الى المدينة “ودولة الخدمات” …

اي ان العزوف عن الزراعة جعل لمقولة “اطعم الثم بتستحي العين” مفهومين واسعين صادقين حقيقيين….

ТХЬЭКIУМ- -КIЭХЬ
ارنب باللغة الشركسية تكتب هكذا ( ТХЬЭКIУМ- -КIЭХЬ) ومعناها ” طويل الاذنين” … وهذا المعنى يأخذنا الى المفهوم الاول الذي يعتمد على مبدأ “اطعام الجزرة”… حتى تستحي العين وتصبح عين ارنب… والجزرة قد تكون الرواتب والمكافآت والمياومات والعطايا والهبات والبيوت والفيلات… فاذا اعتادت الارانب على الجزر يخف صراخها … وتسمن… وتخف حركتها… ويصبح من السهل تناول اي ارنب منها من “اذنيه الطويلتين” بيسر وسهولة وبدون اي جهد…

اما اذا فشل هذا الاسلوب مع بعض الارانب التي اصبحت تعتقد انها عندما تطبل بقدمها على الارض يمكن ان تخيف مالكها ، عندها يتم الانتقال الى المفهوم الثاني لمقولة “اطعم الثم بتستحي العين” … وهذا المفهوم الثاني يتبنى المقولة المصرية الشهيرة: “ناس تخاف ما تختشيش”…

واشد انواع الخوف هو الخوف على الابناء… فقد شاهدت فيلما حقيقيا لانثى الغزال وهي تقفز الى البحيرة وتضع نفسها بين التماسيح وبين ابنها ثم تتوقف عن الحركة لتأكلها التماسيح وينجوا الصغير بحياته… خوفها الشديد على ابنها جعلها تضحي بنفسها من اجله.

نعم يا سادة … العزوف عن الزراعة وعن الاكتفاء الذاتي المبني على قناعة الفلاح المزارع بما يرزقه الله … ادى الى الاعتماد المطلق على الجزرة: الراتب … والراتب التقاعدي… والعطايا والهبات …الخ…. فالارنب الذي لا تستحي عينه بعد اطعام فمه يتم سحب الجزرة من فمه وفم ابنائه … واذا احتاج الامر ، تستبدل الجزرة بالعصا ، اعمالا لمقولة “العصا لمن عصى”.

الختام:
عند الوصول الى هذه النقطة من الحوار ادرك جميع المتحاورين ان الطرنيب “بالكرسي”… وتصديقا لهذا الادراك العميق سرد احدهم قصة حدثت معه… يقول: قبل فترة صدر تصريح هزيل عن احد المسؤولين يمس المرأة الاردنية، فكتبت (هو يقول ذلك) الى المسؤول ادعوه الى تطبيق ما يقول على اسرته النووية والممتدة حتى يكون قدوة لغيره فيتبعوه…
يقول الراوي: بعد يومين اتصل بي احدهم وسألني سؤالا واحدا هو:
اين يعمل ابناؤك؟
فاجبته: ماذا تقول؟
فأعاد السؤال: اين يعمل ابناؤك؟
يقول الراوي: كان السؤال كافيا لي لكي اقذف بنفسي في البحيرة لانقاذ ابنائي من هذه التماسيح … لانني اعرف ان دموعها لن تنفعني ولن تنفع ابنائي ، لانها دموع تماسيح.

لا ادري لماذا ذكرتني هذه الجلسة الحوارية الديموقراطية باغنية قديمة لغسان رحباني عنوانها: “ممنوع”… تقول لازمة الاغنية: ممنوع تتطلع ممنوع، ممنوع تتضحك ممنوع، ممنوع تتنفس ممنوع، وممنوع تزمر عالكوع”….. وتذكرت الجملة الاخيرة في الاغنية والتي يقول فيها: (اذا بدك تغني…سكر تمك ، أأمنلك).

زر الذهاب إلى الأعلى