عربي

قصف متفرق مع تراجع حدة المعارك في السودان بعد سريان الهدنة

الشاهين الإخباري

شهدت الخرطوم معارك وغارات جوية ليل الاثنين الثلاثاء، رغم بدء سريان الهدنة التي تمتدّ أسبوعاً بين الجيش وقوات الدعم السريع، والتي من المقرر أن تتيح خروج المدنيين وإدخال مساعدات إنسانية إلى السودان.

وقال أحد المقيمين في الخرطوم لوكالة فرانس برس صباح الثلاثاء، إنّ دوي “قصف مدفعي متقطّع” يتردّد في العاصمة.

وبعدما دخلت الهدنة حيّز التنفيذ رسمياً الاثنين عند الساعة 19:45 بتوقيت غرينتش، أفاد سكّان آخرون في الخرطوم عن معارك وغارات جوية.

وقالت وزارة الصحة السودانية في بيان إن قوات الدعم السريع “قامت بالتمركز في التاسعة صباح الثلاثاء، بعد دخول الهدنة حيز التنفيذ في مستشفى البان الجديد التعليمي”، وبعد الظهر تمركزت في مستشفى أم درمان ليرتفع بذلك، وفق البيان، عدد المستشفيات التي تتمركز فيها قوات الدعم السريع إلى 29.

في المقابل، أفاد شهود في إقليم دارفور في غرب البلاد بالتزام الطرفين وقف إطلاق النار خصوصا في مدينتي الجنينة ونيالا، حيث اشتدت وتيرة المعارك.

منذ 15 نيسان، أسفر النزاع بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي، عن مقتل ألف شخص وأكثر من مليون نازح ولاجئ.

وأعلن المعسكران أنهما ينويان احترام وقف إطلاق النار، لكن في الخرطوم قال سكان إنّهم لا يرون أيّ استعداد لذلك. وأشارت الأمم المتحدة بعد ظهر الاثنين، إلى “معارك وتحرّكات للقوات، بينما تعهّد المعسكران عدم استغلال الأمر عسكرياً قبل دخول الهدنة حيّز التنفيذ”.

وقال كارل سكمبري من المجلس النرويجي للاجئين (NRC) “بعيداً عن التصريحات الرسمية، السودان لا يزال يُقصف وملايين المدنيين في خطر”، مستنكراً عبر “تويتر”، “أكثر من شهر من الوعود الكاذبة”، بينما سقطت نحو 12 هدنة منذ الدقائق الأولى من بدء تطبيقها.

وشهد سكّان الخرطوم البالغ عددهم 5 ملايين نسمة تقريباً الاثنين، قتالاً متواصلاً لليوم السابع والثلاثين على التوالي، في ظلّ حرّ شديد بينما حُرم معظمهم من الماء والكهرباء والاتصالات.

“مصير مأساوي”

أعلن الوسطاء الأميركيون والسعوديون التوصّل، بعد أسبوعين من المفاوضات، إلى هدنة لمدّة أسبوع من أجل استئناف الخدمات وعمل المستشفيات وتأمين المخزونات من الاحتياجات الإنسانية.

في هذا الصدد، وجّه وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، رسالة إلى السودانيين عبر مقطع فيديو نشرته الخارجية الأميركية، وقال “إذا تم انتهاك وقف إطلاق النار، سنعرف”.

وتابع: “سنحاسب المخالفين من خلال عقوبات نفرضها ووسائل أخرى متاحة لنا”.

وأوضح بلينكن مخاطبا المدنيين، “وحدها حكومة مدنية تنجح في تحقيق الاستقرار والأمن” في البلاد، مضيفا “يجب أن ينسحب جيشكم من الحكم”.

وأعلن بلينكن في تغريدة على تويتر، أن الولايات المتحدة “ستقدم 245 مليون دولار مساعدات انسانية لدعم اللاجئين والنازحين السودانيين”.

وتأتي تصريحات يلينكن، فيما أعلنت اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان في وقت مبكر الثلاثاء، إغلاق مستشفى جديد في الضاحية الكبرى للخرطوم، إذ أُجبر موظفوه على التوقف عن العمل، لا سيما أنهم كانوا في مرمى النيران.

وقالت النقابة “فوجئنا خلال الأيام الماضية ولعدة مرّات، بدخول عناصر مسلّحة من قوات الدعم السريع إلى المستشفى، قاموا بالتعدّي على المرضى والمرافقين والكوادر الطبية، وعملوا على ترهيبهم بإطلاق النار داخل أروقة المستشفى”.

كذلك، نددت بـ “حملة الأكاذيب والإشاعات المغرضة” التي يشنّها كبار ضبّاط الجيش ضدّ الكوادر الطبية والمتطوّعين الذين يعملون في المستشفى، والذين تلقّوا “تهديدات شخصية”.

في هذه الأثناء، يواصل الأطباء التحذير من مصير مأسوي للمستشفيات. ففي الخرطوم، كما في دارفور، باتت المستشفيات كلّها تقريباً خارج الخدمة. أمّا المستشفيات التي لم يتمّ قصفها، فلم يعد لديها ما يكفي من المخزونات أو باتت محتلّة من قبل المتحاربين.

وتطالب الطواقم الإنسانية بتأمين ممرّات آمنة، فيما أكّدت الرياض وواشنطن، أنّ هذه المرّة ستكون هناك “آلية لمراقبة وقف إطلاق النار” تجمع بين ممثّلين عن الجانبين إضافة إلى ممثّلين عن الولايات المتحدة والسعودية.

“كلّنا جائعون”

وقال محمود صلاح الدين المقيم في الخرطوم الاثنين، “ليس هناك ما يشير إلى أنّ قوات الدعم السريع التي لا تزال تحتلّ الشوارع، تستعدّ لمغادرتها”.

ومع أنّ الجيش يسيطر جواً، إلّا أنّ عددا قليلا من عناصره موجودون في وسط العاصمة، بينما تسيطر قوات الدعم السريع على المستوى الميداني في الخرطوم، حيث يتهمها كثير من السكان بنهب منازلهم أو إقامة مقار لها فيها.

رغم كلّ شيء، تأمل ثريا محمد علي أن تصمت الأسلحة، على الأقل خلال مغادرتها العاصمة. وتقول: “لو كانت هناك هدنة حقيقية سوف آخذ والدي المريض وأخرج من الخرطوم إلى أيّ مكان”، مضيفة “بعد هذه الحرب لم تعد الخرطوم مكاناً يصلح للحياة فكلّ شيء تمّ تدميره”.

يقول سكان آخرون إنّهم يريدون زيارة الطبيب، بعد مرور أسابيع من دون حصولهم على استشارة خصوصاً بالنسبة للمصابين بأمراض مزمنة، بينما يأمل آخرون في أن يتمكّن موظفو الخدمة العامة من إعادة المياه والكهرباء والإنترنت وشبكات الهاتف.

وإذ يحتاج 25 مليون سوداني من أصل 45 مليوناً إلى مساعدات إنسانية وفقاً للأمم المتحدة، يزداد الغذاء ندرة بينما أغلقت المصارف أبوابها ودُمّرت أو نُهبت معظم مصانع الأغذية الزراعية.

وتقول سعاد الفاتح المقيمة في الخرطوم، “كلّنا جائعون، الأطفال وكبار السن، الجميع يعاني من الحرب. لم يعد لدينا ماء”.

وبحسب الأمم المتحدة، إذا استمرّ الصراع فإنّ مليون سوداني إضافي قد يفرّون إلى الدول المجاورة التي تخشى انتقال عدوى العنف إليها.

أ ف ب

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!