أقلام حرة

انا من « عبدون » يا عيوني .. !

طلعت شناعة

عندما سكنتُ في ‹الشميساني» قبل سنواااات ، استغرب الناس ذلك ، لدرجة ان الكاتب والصديق فخري قعوار وقتها كاد يصرخ بوجهي ضاحكا :
كيف لقيت بيت في ‹الشميساني» وانا الي «مليون» سنة بدور على بيت في» الشميساني» وانت راتبك 100 دينار وما في يومين بتعرف العاصمة و سكنت هناك .؟
كان ذلك بداية التسعينات..
وسمعت الكثير من كائنات ترى ( الكعكة بعيد اليتيم عجبة ) كما يقوا اخوتنا في مصر.
طبعا تركت « الشميساني» من كثر› القر والنق والحسد» وسكنت في منطقة «شعبية «في صويلح.
اذكر قبل سنوات سألني موظف الاستقبال في احد فنادق عمان. وكانت إدارة مهرجان جرش قبل.. قبل.. قبل.. قبل …السابقة قد منحتني وزميلا آخر من اللجنة الاعلامية غرفة وكنا وقتها نشارك في نشرة المهرجان.
الله يرحم ايام زمااان.
وقتها اتجهت الى موظف الاستقبال لملء البيانات الذي سألني : وين مكان ميلادك. ؟
قلت له : انا من مواليد « عبدون». استغرب الموظف وفرك عينيه .
وباغته ( مداعبا ) : يعني شكلي لازم اكون مولود وين يعني؟..
وضحكنا . ..
وبقيت اذهب الى» عبدون» مرورا بـ›الصويفية› وكان يعجبني بائع الورد عند الاشارات الضوئية. ولعله المكان الوحيد الذي يفعل ذلك على مدار الفصول الاربعة. وهي ظاهرة جميلة.
كل مرة اذهب الى « عبدون» اتخيل نفسي اسكن هناك. واتخيل الفرق بين من يسكن»عبدون» ومن يسكن في جبل « الجوفة» او اية منطقة شعبية ؟ هل يلعب الاولاد مع بعضهم مثل اولادنا؟ وما هي الاشكاليات التي يمكن ان» تُؤرق» الجارات فيما لو التقين صدفة في» الرياضة الصباحية « او في›» الجم» واثناء ممارستهن لل « «سبورت «.
طبعا الرجال لا يلتقون لان كل واحد في سيارته وشركته و» الفيلا « الخاصة به.
اتخيل›طوشة الاولاد› مثلا يقول الواحد للآخر :›يلعن ابو ايميلك›.
وحين يغضب الآخر يرد عليه :›ولك بروفيلك على ال›فيس بوك› بأرف›.
فيقول له الاول: ما شاللله عنك. ولك ناسي اني انا اللي علمتك تعمل›شات ع النت›.
ويزمجر الاول: بس بلاش حبيبي. ولك انا اللي علمتك تعمل›داون لود› لاغاني جورج مايكل ومادونا من›النت›. وتكون›المعايرة›من الاخر: ها هاها. ناسي لما اجيت تترجاني اعلمك كيف تصوت لمحمد عساف على موقع ‹ارب ايدول›.
و.. يستمر الحوار الناعم جدا بين شباب»عبدون» ويتفقان على اللقاء في «النايت كلب».
اعرف صديقة كانت تسكن هناك. وكانت تشعر بالغربة لانه «شعبية»والمكان›رايق› ولا اصوات ولا مشاكل ولا احد يعرف احدا.
مجرد بيوت وفلل جميلة ولا تظهر على الشرفات الا ‹الخادمة القادمة من شرق اسيا› او» الكلب».. فقط لا غير.
اتخيل نفسي اسكن هناك واردد اغنية :
« انا من عبدون «.. يا عيوني !
اتخيل. ..
على إحدى الصديقات التي قالت لي ذات تواصل : خيالك .. واسع
طيب يا ستي بنحطله ضبان .. !

زر الذهاب إلى الأعلى