أقلام حرة

طنجرة عدَس

طلعت شناعة

أواخر الثمانينيات من القرن الماضي، صدرت رواية المغربي ياسين بهوش «ايام من عدس». واستهواني العنوان وقرأتُها خلال يومين، ونسيتُ احداثها، ليس لعدم اهميتها، بل لكثرة الكتب التي اقرأها كل يوم.
وقبل يومين، سألتني زوجتي وهي تتأهّب ـ حلوة تتأهّب ـ للسفر الى «إربد»، ماذا أطبخ لك في غيابي؟
فجاء ردّي على الفور» طنجرة عدَس».. فقط !
طبعا زوجتي استغربت طلبي» المتواضع»، في ظل توفر « الخبز «.. و اللحوم والدجاج في الثلاجة ،ولله الحمد.
عادت وكررت ذات السؤال وبصيغة ثانية كما يفعل «المحقّقون»، فربما يكون بعلُها في «غيبوبة»،ولا يُدرك معنى الإجابة.!
قلت: عدَس… عدَس فقط !
وعلى مدى يومين، احتفلتُ بوجبتي» المُفضّلة». وأعددتُ «لزوم ما يلزم» مثل الزيتون والفجل والبصل الأخضر ـ المزروع في حاكورة البيت ـ. وتفقدتُ الثلاّجة، ووجدتُ «ليمونة « في قاع الثلاّجة. فصرختُ مثل الاخ «أرخميدس»: وجدتُّهاااااااااا !
وخلال «ممارسة متعتي» في تناول العدَس»، تذكرتُ مونولوج الفنانة» المونولوجيست» نعيمة عاكف في احد افلام « الابيض والأسود» التي غنّت لـ « العدس»،في معارضة غنائية لرائعة الموسيقار محمد عبد الوهاب» القمح الليلة». فكانت اغنية نعيمة عاكف :
« العدس الليلة
ليلة عيده
يارب تبارك و تزيده
يارب تبارك يارب
يندلق العدس و ينكب..» الى آخر الاغنية المرِحَة.
بالطبع،لا أسعى من خلال هذا المديح» العدسي»، استعراض «الفقر».لأن «أكلة العدس» في التراث العربي،والفني،مرتبطة بطعام «الفقراء» و»الناس الغلابى».
انا غلبااااان
ولكنه الشتاء.. الذي من أبرز معالمه وطقوسه،»أكلة العدَس» بانواعه وطرق اعداده. سواء العدس» الحَبّ» او ما يُسميّه اخوتنا في مصر « عدس ابو جِبّة» اي الذي يرتدي» الجبّة». وطبعا هناك «شوربة العدس/ المجروش» وهو الأشهر عندنا.
وفي الامثال نجد العدس يظهر في المثل الشهير » اللي بدري بدْري، واللي ما بدري بيقول كفّ عدَس ».

زر الذهاب إلى الأعلى

You cannot copy content of this page