فلسطين

أكثر من 9 آلاف معتقل يواجهون إجراءات انتقامية وتنكيلية غير مسبوقة منذ بدء العدوان

الشاهين الاخباري

أفادت هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير، بأنّ أكثر من 9000 معتقل ومعتقلة في سجون الاحتلال الإسرائيليّ، يواجهون، إجراءات انتقامية وتنكيلية غير مسبوقة مست مصيرهم، منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي وحتى اليوم.

وأضافت الهيئة ونادي الأسير، في بيان مساء اليوم الإثنين، أنه على مدار الفترة الماضية، وفي إطار المتابعة القانونية، لم تختلف وتيرة الإجراءات التي فرضت على المعتقلين والمتمثلة في أساسها بعمليات التعذيب والتنكيل الممنهجة، والتي تهدف في جوهرها إلى سلبهم إنسانيتهم، وحرمانهم من أدنى حقوقهم.

وأشارتا إلى أن عامل الزمن يشكل مؤثرًا أساسيًا على مصير المعتقلين، في ظل استمرار وتيرة الإجراءات الانتقامية والتنكيلية بحقّهم، وبعض السياسات التي تصاعدت وزادت حدة معاناتهم على عدة أصعدة.

سياسة العزل: “الدامون” و”جلبوع” نموذجا

وأكدت هيئة شؤون الأسرى ونادي الأسير، أن سياسة العزل بمستوياتها المختلفة تشكّل إحدى أخطر السياسات التي تصاعدت بوتيرة غير مسبوقة على المعتقلين بشكل جماعي، وأصبح يتخذ مفهوما آخر بعد السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، خاصّة بعد أنّ جردتهم إدارة السّجون من أبسط الأدوات ووسائل التواصل مع العالم الخارجي، كالتلفاز وزيارة العائلة، إضافة إلى أنّ العديد من أقسام المعتقلين تم مصادرة الراديو منها، ولم يتبق بالنسبة لهم كوسيلة تواصل سوى زيارة المحامي.

ففي سجن “الدامون” الذي تُحتجز فيه غالبية المعتقلات، وعددهن اليوم نحو 45 معتقلة بعد الإفراج عن غالبية معتقلات غزة، أقدمت إدارة السّجون مؤخرا على نقلهنّ إلى قسم آخر داخل السّجن نفسه، والذي يشكل نموذجًا مضاعفًا لسياسة العزل، مقارنة مع القسم السابق، فلم تعد المعتقلات قادرات على التواصل فيما بينهنّ، فهنّ معزولات بشكل تام عن بعضهنّ البعض، كما أنّ نوافذ الزنازين مغطاة ببلاستيك وعازل للصوت، وحاجب للرؤية، وعلى كل نافذة مقوى للعزل فيه فتحات صغيرة جدا تحجب الرؤية، إلى جانب الرطوبة العالية في القسم، ومنها انتشار حشرة البق.

الخط الأزرق: اجراء جديد للتنكيل بالأسرى

وبينت الهيئة ونادي الأسير أن إدارة سجن “جلبوع” أقدمت على وضع خط أزرق أمام زنازين المعتقلين، يُمنع الاقتراب منه أو تجاوزه، ومن يتجاوزه يتعرض للتّنكيل والضّرب.

وتهدف إدارة السّجن من خلال هذا الإجراء، وفي إطار عزل المعتقلين المضاعف، أن تحرمهم من التواصل فيما بينهم بالصوت من زنازينهم، أو عند خروجهم للفورة حتى لا يتمكنوا من التواصل مع بعضهم البعض، علما أنّ سياسة العزل بما فيها العزل الانفراديّ، شكّلت وما تزال إحدى أبرز السياسات التي انتهجتها إدارة السّجون بحق المعتقلين، وشكّلت كذلك أقسى السياسات وأخطرها.

سياسة تقييد المعتقلين خلال الزيارة، سجن “جلبوع” نموذجا

برزت سياسة تقييد المعتقلين خلال إحضار المعتقل إلى غرفة الزيارة، فبحسب شهادة المحامين الذي نفّذوا زيارات للمعتقلين على مدار الفترة الماضية، فإن إدارة السّجون تتعمد إحضار المعتقلين وأيديهم إلى الخلف، وكذلك أرجلهم مقيدة، بالإضافة إلى وجود عصبة سوداء على الأعين، وعند دخول المعتقل إلى غرفة الزيارة، يتم إزالة العصبة عن عينيه ويتم إقفال الباب، ويقوم المعتقل بإخراج يديه من الخلف من خلال فتحة موجودة في الباب، وعندها يقوم السّجان بفك القيود، ويعود المعتقل لمد يديه إلى الأمام من خلال الفتحة، ويعيد السّجان تقييد يديه أمامه، وتتم الزيارة مع المحامي وهو مقيد اليدين والقدمين، وهذه العملية تتم مجددا عند انتهاء الزيارة، لتشكل سياسة التقييد بهذا المستوى إحدى أبرز الإجراءات التنكيلية الممنهجة التي تصاعدت بشكل غير مسبوق بعد السابع من تشرين الأول الماضي.

سياسة التجويع، سجن “مجدو” نموذجا

يواجه المعتقلون في سجون الاحتلال سياسة التجويع التي زادت حدتها مع تقليص وجبات الطعام بعد السابع من تشرين الأول/ أكتوبر وحرمان المعتقلين من (الكانتينا) بإغلاقها، والتي أدت إلى تدهور أوضاعهم الصحيّة بالمجمل، حيث يعاني المعتقلون في مختلف السّجون من سوء في التغذية، والتي أثرت بشكل كبير على المعتقلين المرضى، خاصّة من يحتاجون إلى غذاء خاص يتناسب مع أوضاعهم الصحيّة، إلى جانب توفير مياه غير صالحة للشرب حيث تحتوي الماء نسبة كبيرة على الكلس والصدأ، ما سبب للعديد منهم مشاكل صحية.

ففي سجن “مجدو” الذي شكّل محطة لتعذيب المعتقلين، وبرز كشاهد على مستوى الجرائم التي نفذت بحقّ المعتقلين بعد السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، ومنها سياسة التجويع التي تنفذ بحقّهم من خلال تقديم وجبات طعام لـ10 معتقلين أو 12 معتقلا لا تكفي في واقع الأمر لمعتقلين اثنين، فقد أكد مجموعة من المعتقلين الذين تمت زيارتهم مؤخرًا، أنّه وفي إطار محاولة الاحتجاج على سياسة التجويع، نفّذوا خطوات احتجاجية في أحد الأقسام، وقاموا بإرجاع وجبات الطعام، فأقدمت إدارة السّجون على معاقبتهم بإدخال وحدة خاصّة مع الكلاب لضربهم ومعاقبهم، وتم الاعتداء عليهم بالضرب، وتسليط الكلاب البوليسية المرافقة للقوة عليهم، وبعد الانتهاء من عملية الاعتداء قاموا بنقلهم وتوزيعهم على بقية الأقسام.

الجرائم الطبيّة تتصاعد في مختلف السّجون

في ضوء استشهاد المعتقل الإداري محمد الصبار في سجن “عوفر” مؤخرا جرّاء تعرضه لجريمة طبيّة، فإن شهادات المعتقلين حول الجرائم الطبيّة، المتمثلة بحرمانهم من المتابعة الصحيّة، تتصاعد، ويشكل عامل الزمن للمعتقل المريض وتحديدا من يعانون من مشاكل صحيّة مزمنة، عاملا مصيريا، في ظل ظروف احتجاز قاسية، وسوء تغذية، وانعدام المتابعة الطبيّة اللازمة والضرورية للمئات من المعتقلين المرضى، عدا عن تصاعد أعداد المرضى نتيجة للظروف الراهنّة في السّجون، فغالبية المعتقلين اليوم، يعانون من مشكلة صحيّة، عدا عن المشاكل الصحية التي نتجت جرّاء الاعتداءات، وتركهم دون علاج حتّى اليوم، إضافة إلى ظهور مشاكل صحية بسبب نوع الطعام السيء، وعدم توفر أدوات تمكّنهم من الحفاظ على نظافتهم الشخصية.

وعلى سبيل المثال، فبعد نحو أربعة أشهر، وبعد مطالبات عديدة من المعتقلين، تمكّن المعتقلون من الحصول على مقص أظافر في بعض السّجون، كما أن بعض المعتقلين الجدد من عدة أشهر وهم في الملابس نفسها التي دخلوا بها للأسر.

وفي ضوء استمرار الانتهاكات والجرائم بحقّ المعتقلين والمعتقلات، جددت هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير مطالبة كافة المؤسسات الحقوقية بمستوياتها المختلفة، بضرورة التدخل الحقيقي والضغط من أجل وقف الجرائم التي تنفذها إدارة السّجون بحق المعتقلين، وتحديدًا بعد السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، والتي تصاعدت بشكل غير مسبوق وأدت إلى استشهاد 8 معتقلين على الأقل في سجون الاحتلال، وذلك في ظل استمرار الاحتلال بتنفيذ الإبادة الجماعية في غزة وعدوانه الشامل على الشعب الفلسطيني.

زر الذهاب إلى الأعلى

You cannot copy content of this page