أقلام حرة

الحقائق والارقام هي الفيصل بين “الجعجعة” و “الطحين”..

محمود الدباس – ابو الليث..

قبل فترة دعاني صديق الى إحدى المقاهي.. وصديقي من النوع الذي يتغنى بان الناس هم مَن يتواصلون معه وليس هو.. ومن الناس الذين رأيهم دوما هو الصواب.. حتى لو اخذ رايك وحوره بطريقة اخرى..

ولانني كثيرا ما اتحدث عن المشاريع الاستثمارية.. واشجع كل من يطرق الباب.. فقد بادرني بان زوج سيدة اعمال عربية كان يعرفهما وانقطع التواصل بينهم منذ عدة سنوات.. قد تواصل معه بعد عناء.. لان صديقي قام بتغير رقم هاتفه ولم يخبره.. وطلب من صديقي ان يتواصل مع زوجته ويفهم متطلبات مشروع تنوي القيام به.. ويزودها بعروض اسعار ومواصفات لمواد يتم تصنيعها في الاردن.. او ان يقوم يتقديمها لاصحاب المصنع لفتح فرع في بلادها..
وبالفعل قام بالاتصال معها امامي.. وكان معظم حديثه الذي تمكنت من سماعه متزنا..

ومن طريقة حديث صديقي الذي كنت اسمع شيئا منه.. ولا اسمع شيئا اخر.. وكيفية معرفتهم لرقم هاتفه بعد ان غيره.. ومدحه واطرائه عليهما.. شعرت بان هناك شيئا غير طبيعي..
فطلبت من صديقي ان يعاهدني بألا يبعث لها ما ارادت في اليوم الموعود.. وهو بعد يومين..

وبعد اسبوع اجتمعت مع صديقي مرة اخرى.. وبدون سابق انذار سألته هل تواصلت معك سيدة الاعمال؟!..
فاجابني اطلاقا..
فقلت له اسمحلي ان اكون صريحا معك..
فهذا الوضع لا يمكن ان يحدث الا في حالتين..
الاولى.. إن سيدة الاعمال التي لا تتابع طلبا كهذا.. بعد ان تعب زوجها لكي يتواصل معك.. فانها غير جادة.. وانها فقط تريد ان تتسلى و “تطق حنك”..
الثانية.. انك انت من تواصلت معهما وليس كما اخبرتني..

وللاسف لان غالبيتنا تعود اللف والدوران.. ونحب ان نظهر بمظهر الذي تركض خلفه البشر.. فقد على صوته.. واخذ النقاش منحى غير الذي اعتدنا عليه..
الامر الذي جعلني اطلب صراحة.. ان يريني المحادثات وسجل الاتصال بينهم.. لكي اثبت له انه هو من بادر..

مما حدث مع صديقي.. اجد اننا شعب وحكومات لا نحب الصراحة والمكاشفة.. خصوصا اذا وصل الامر الى حد يجب فيه ان تتضح الامور.. وتكون على حقيقتها.. والشفافية الحوكمة على اعلى مراتبها..

فكم نسمع عن خطط لمشاريع.. وعن تشجيع لجلب الاستثمارات.. وعن قادم هو الافضل.. وعن مستثمرين يطرقون ابوابنا بكل شغف لكي يستثمروا اموالهم عندنا..
فتنفرج اساريرنا.. ونبدأ باطلاق العنان لمخيلاتنا.. ونبني احلاما ونعيشها.. وبعد فترة.. يتبخر كل ما سمعنا كالسراب..

وحين نحاول سبر غور الاخبار التي سمعناها.. لنتحقق من مدى تحققها.. لا نرى سوى كلاما انشائيا يصلح لان يكون ضمن القصص والروايات..
وقد يُغضِب سؤالنا المختصين.. وقد يقدمونا الى القضاء بتهمة العمى لاننا لا نرى ما تم تحقيقه..

وهنا اقول كما قلت لصديقي.. ارونا سجلاتٍ وارقامٍ على ارض الواقع قد تحققت..
وكم هي نسبتها من الهدف الذي وضعتموه؟!..
وما مستوى مؤشر الانتفاع والرضى لدى المواطنين مما تم تحقيقه؟!..
وما هي خطط الطوارئ ان لم يتحقق ما اردتم؟!..
وما سبب عدم تحقيق ما خططتم له بالشكل الكامل؟!..
وهل كان المستثمرون هم من هرولوا الينا مقتنعين بما لدينا.. ام اننا نحن من احرجناهم.. واغريناهم بنبرة اصواتنا الجميلة.. ومعسول الكلام والوعود.. وحين اتوا لم يروا مما قلنا شيئا؟!..

نتمنى دوما.. ان نرى افعالا على ارض الواقع.. اكثر مما نسمع اقوالا..

زر الذهاب إلى الأعلى

You cannot copy content of this page