أقلام حرة

موسم الدراما

طلعت شناعة

ربما اقترنت الدراما التلفزيونية العربية بشهر رمضان المبارك بالتسلية اولا ، حيث ارتبطت بطريق او باخرى بجلسات ” الحكواتي ” القديم الذي اعتاد ان يجمع الناس حوله في المقاهي الشعبية.
وقبل ذلك كانت الجلسات العادية للناس في السهرات العائلية ومن خلال احاديث الاجداد والجدات والاباء ، وبخاصة اصحاب النكتة والظرفاء في المضافات والدواوين.
ولهذا كان اهتمامنا بالدراما الكوميدية المسلية والتي تعتمد على الضحك ، قبل الدراما الجادة التي تتناول الهموم والقضايا الاخرى.
ان ليالي شهر رمضان ذات طبيعة اسثنائية ، وعادة ما تجتمع الاسرة كلها ومعها الاقارب والجيران على طعام واحد وتمتد السهرة الى السحور.
ولعل الكلام في هذا الجانب يقودنا الى بدايات التعلق بالدراما الرمضانية منذ عرفنا المحطات التلفزيونية المحلية التي كانت تحرص على اختيار افضل ما لديها من اعمال لتقدمها”حلوى”للمشاهدين.
ولدينا في العالم العربي انموذجان للدراما : المصرية والسورية ومن جديد بدأت تطل علينا الاعمال التلفزيونية الخليجية. لكن ظلت الدراما السورية والمصرية الاشهر والابرز عربيا.
عام 1974 شهد بداية الانتاج السينمائي والتلفزيوني السوري مع ظهور الاعمال الملونة.
وقد حظيت الدراما لتلفزيونية السورية بتطور كبير جاء نتيجة لإبداعات عدد من المخرجين والكتاب والفنانين ، كما أن قيام دائرة المونتاج التي تشكلت عام 77 ، وضع الدراما التلفزيونية في مكانها الصحيح.
فاندفع الإنتاج الدرامي التلفزيوني خطوات هامة إلى الأمام ، وبدأت الدراما التلفزيونية ترسم ملامحها ، وتمكن المشاهد من مشاهدة الأعمال الجيدة والهامة ذات المضامين التي تخدم أهدافاً اجتماعية وتاريخية… مثل مسلسل “انتقام الزباء” و”الجرح القديم”… وكذلك الأعمال الهامة للثنائي “دريد لحام ونهاد قلعي” اللذين برزا في مسلسل “صح النوم” ومعهما كان نجوم الضحك والدراما في ذلك الوقت مثل نجاح حفيظ و ناجي جبر الشهير بـ “ابو عنتر” وياسين بقوش وعبد اللطيف فتحي الشهير بـ “ابو كلبشة “.
وكذك”مقالب غوار الطوشة” وايضا مسلسل “حارة القصر” و”مذكرات حرامي”.. إلى أن جاءت السنوات العشر الأخيرة ، لتفرض موقعاً متميزاً للدراما السورية ، داخلياً وعربياً ، فشاهدنا “هجرة القلوب إلى القلوب” ، و”غضب الصحراء” ، و”البركان” ، و” نهاية رجل شجاع “. الذي قدم فيه المخرج نجدت انزور متعة درامية و بصرية لم تكن معتادة عربيا.
كما أفرزت الدراما السورية المخرجين الكبار الذين بدأوا يتنافسون بكل أنواع التنافس الشريف مستخدمين أدواتهم بثقة ومعرفة وعلم.
وبين الكتابة والإخراج نما جيل من الممثلين. وقد استطاع هذا الجيل الذي تعلم من دريد لحام ونهاد قلعي وعبد اللطيف فتحي ومنى واصف وهاني الروماني وعبد الرحمن آل رشي وغيرهم من عمالقة التمثيل السوري… استطاع أن يكون رديفاً جديداً وقادراً على أن يكون بمصاف كبار الممثلين العرب..
وخلال ذلك ، توسعت خبرات الكادر الفني في الديكور والتصوير والماكياج وتصميم الملابس والمونتاج. ان الدراما السورية قد تمكنت من خلال التجديد في المواضيع التي تطرحها ان تتجاوز الدراما المصرية التي سبقتها بسنوات. بل انها ـ الدراما السورية ـ اخذت تحتل مكانة بين تفاصيل الدراما المصرية ، وصار عليها” طلب”حيث نجد المخرجين والمنتجين المصريين يستعينون بنجوم الدراما السورية وبخاصة بعد نجاح تجربة الفنان جمال سليمان في مسلسل”حدائق الشيطان “.
وهذا العام تتكرر التجربة لنفس الفنان من خلال مسلسل”اولاد الليل”، كما نجد اعمالا مصرية للفنانة سوزان نجم الدين وجومانة مراد وتيم حسن الذي يقوم ببطولة مسلسل”الملك فاروق “.
وهذا يؤكد ان التطور في الدراما السورية لا يشمل المخرجين بل الممثلين ايضا ، الذين يبحثون عن فضاءات جديدة لابداعهم.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

You cannot copy content of this page