أقلام حرة

“قبل ما تلوم الذيب.. شوف نعجتك وين سارحة؟!”..

محمود الدباس – ابو الليث..

مَثل من الأمثال الشعبية عميق الدلالة.. ويقال في اكثر من مناسبة.. على عكس ما يظنه الكثيرون..

قد يغضب مني البعض لظنهم انني اضع اللوم على النعجة.. وابرئ الذيب.. إلا انني هنا اود ان اشير الى السبب الاهم في العملية.. فالذئب عادة لا يأخذ الا مِن الغنم القاصية..

يقال بأن المال السايب يعلم الناس السرقة.. وهذا قول يدعم سابقه.. فالإهمال وعدم الحرص يجعل عملية السطو اسهل..

ولأن النفس البشرية بطبعها تحب سهل المُنال.. وأمارة للسوء.. فإن عدم الحرص.. وعدم الاخذ بالاسباب.. يشجع على كل ما هو ممنوع..
وبالتالي.. الحرص والاخذ بالاسباب.. والحيطة والحذر.. والابتعاد عن مواطن الشبهات.. كلها تؤدي الى السلامة..

ولاننا مازلنا نعيش في مجتمع محافظ.. على الرغم مما يعتريه من تشوهات.. فلا يجرؤ الكثير من الذكور الاقتراب من الإناث.. او محاولة التمادي معهن.. وفتح باب المجاملة.. الا إن وجد الطريق ممهدة امامه.. اكانت بقصد منها او بغير قصد وجهل.. وبالعادة لن تكون دفعة واحدة.. وانما بالتدريج..

مما سبق.. اجدني اختصر النظر الى الامر من جانبين اثنين.. ولن اتوسع..

  • ففي الفساد الذي هو هم الجميع..
    نجد ان وجود الضوابط الادارية والقانونية.. والتدقيق والمكاشفة.. وإبعاد كل من عليه شبهات عن مركز القرار.. وعن المواقع التي يمكن ان يتسلل من خلالها لنيل ما تهوى نفسه.. او لممارسة الفساد باشكاله المختلفة.. لهو الطريق الاسلم..
    فلا يمكننا ان نمنع فاسدا عن ممارسة الفساد في ظل وجود ثغرات ومَوَاطن تُسهِل عليه فعلته.. فما بالنا بوجوده في مركز يساعده على ذلك.. ووجود اناس يسهلون له ما يريد ليقاسِموه الغنيمة؟!..

يقول احد الفاسدين.. “المصاري قدامك.. وطرق اخذها كثيرة.. والمعروض عليك من جهات ثانية اكثر منها.. ولا حسيب ولا رقيب.. ليش ما توخذ حصتك؟!”..

  • وفي الجانب الاخلاقي والاجتماعي..
    والذي يشير اليه المثل صراحة.. فإن الفتاة المحافظة على حدود التعامل.. وبعدها عن مَوَاطن الشبهات.. او اماكن خلوتها بالذئاب.. وحفاظها على مسافة آمنة.. اكانت مكانية او في تجاذب أطراف الحديث والرسائل والمجاملات.. اضافة الى تعاملها التلقائي مع البدائل المتاحة من بنات جنسها.. حيث اصبحن يمارسن كافة المهن وعلى كافة المستويات والخبرات.. لهي الطريق الاقوم والاسلم لاجتنابها ما قد يضمر لها مَن لم تتوقع منه الغدر او المساس والايقاع بها.. في لحظة غفلة او عدم انتباه لكلمة او تصرف..

يقول لي احدهم.. ان له زميلة في العمل.. لا تتعامل معهم الا بمهنية ورسمية.. ويحسب لها الجميع الف حساب قبل ان يرسلوا لها تهنئة بالعيد.. فما بالك بعيد ميلادها مثلا؟!..
حتى انهم لا يعلمون الكثير عن امورها ومناسباتها الاجتماعية..

إلى ان صدر قرار يجمعهما الاثنين في عمل مخصص.. فاصبح يتعامل معها لفترات ولوحدهما.. واصبح يعلم من نبرة صوتها او من بعض التصرفات انها مريضة او غضبانة او سعيدة..
الامر الذي جعله يتجرأ في ان يطلب منها المغادرة ليكمل العمل عنها بحجة تعبها الواضح على وجهها وفي عينيها الذابلتين..

ويوما تلو يوم.. لم ينكسر الجليد بينهما.. لا بل ذاب وتبخر..
فيقول انه اصبح يجاملها وتجامله.. ولا يتحرج في السؤال عن صحتها واحوالها وما فعلت بالامس.. وما تنوي فعله في نهاية الاسبوع..
فالإلفة والتحول من الانطواء الى الانفتاح تكون واضحة وملفتة.. وتجلب الثعالب قبل الذئاب..

وفي الختام علينا ان نعلم انه..
درهم وقاية.. خير من قنطار علاج..
واذا ما تم خدش او “شَعرُ” الزجاج.. اصبح من الصعب اصلاحه..
والحشمة والوقار والرزانة.. وبعدنا عن مَواطن الفساد المتاحة.. امور فيها مشقة على النفس.. وثمنها في زماننا هذا غالي.. وقد تؤدي الى مضايقات في العمل او حتى الطرد والاقصاء..
ولكن التمسك بالفضائل والمبادئ والعفة وجبُّ الغيبة عن النفس.. فيها مكاسب أكبر في الدنيا والآخرة..

زر الذهاب إلى الأعلى

You cannot copy content of this page