أقلام حرة

بالناقص من “الخضرا”..

محمود الدباس

يحكى ان شيخ قبيلة كانت له فرس اصيلة أسماها “الخضرا”.. وكانت مضرب مثلا في السبق والتحمل وفي الكر والفر في الغزوات..
وكان عنده حصان أجرب وأقرب الى “الكديش” يطعمه ويسقيه رأفة بحاله.. اسماه “الأعوج”..

وفي يوم انشغل رجال القبيلة.. فإذا بلص يفك “الخضرا” ويمتطيها ويفر بها.. فنادت النساء على الشيخ بان سرقوا “الخضرا”.. سرقوا “الخضرا”.. فنظر الشيخ حوله فلم يجد الا “الأعوج”.. فامتطاه وانطلق خلف “الخضرا”..

ولحسن الحظ.. فقد درب الشيخ “الخضرا” بأن لا تنطلق بسرعة إلا اذا ضمها بساقيه.. فاستطاع بعد نهر وتحفيز وضرب “لمتروك” ان يقترب من “الخضرا”.. وكاد ان يمسك باللص.. والجميع يشاهد عن بعد..
وما كان من الشيخ إلا ونادى على اللص.. ضم رجليك.. ضم رجليك. وما كذب اللص خبرا.. وضم ساقيه على “الخضرا”.. فانطلقت كالريح.. ولم يراها احد..

وحين عاد الشيخ الى اهله.. عاتبه الجميع.. وقالوا لقد اوشكت بالامساك به.. فلما تركته يهرب؟!..
رد عليهم.. تروح “الخضرا” ولا يحكوا ردها “الأعوج” الاجرب.. وتضيع هيبتها وهيبتنا..

ونحن نعيش في مجتمع تحكم تصرفاتنا واختياراتنا العشائرية والعائلية وحتى المناطقية..
وعندما يتم الحديث عن شاغر لوظيفة مهمة.. تجدنا نطالب بان يكون صاحب ذلك الشاغر احد اقربائنا او معارفنا.. وكثير من الاحيان يكون تعصبا منا لتلك الرابطة.. وليس لكفاءة او أحقية..

واما في موضوع الانتخابات.. ومهما كان راينا في مجلس النواب.. شئنا ام ابينا سيكون هناك مجلس.. وسيتخذ قرارات.. ولاننا فقدنا الامل في اتخاذهم قرارات لمصلحتنا.. فاصبح التخفيف من وطأتها هو المطلب..
وها هي الانتخابات تقف على الابواب.. وستتعالى الأصوات بأن انتخب ابن العشيرة الاقرب او العائلة.. او ابن حارتك.. حتى وان كان لا يستحق ذلك.. وللاسف تجد الكثيرين منا ينصاع الى تلك النداءات والاملاءات.. بدون ان يعطي نفسه ادنى فرصة او تريث في التفكير ليختار مَن هو احق بصوته.. ويبيض الوجه..

من هنا اقول على رأي الشيخ الحكيم راعي “الخضرا”.. بالناقص من مقعد النيابة او شاغر الوظيفة هذه المرة.. إن كان لا يوجد او لم يتقدم من العشيرة او العائلة او حتى الحزب إلا “الأعوج”.. فهيبة وسمعة ومصداقية الجميع.. اولى من “الأعوج” وعشرة مثله..

زر الذهاب إلى الأعلى

You cannot copy content of this page