دولي

ماكرون يصل كاليدونيا الجديدة في زيارة تهدف إلى إعادة الحوار وتسريع عودة النظام

الشاهين الاخباري


وصل الرئيس إيمانويل ماكرون صباح الخميس إلى كاليدونيا الجديدة، حيث تعهد باستعادة الهدوء في الأرخبيل الفرنسي في جنوب المحيط الهادئ بعد الاضطرابات الانفصالية التي شهدها وخلفت ستة قتلى ومئات الجرحى.

وسيلتقي ماكرون في العاصمة نوميا للقاء زعماء سياسيين ورجال أعمال في مهمة تحفب بالمجازفات لإنهاء أكثر من أسبوع من أعمال النهب والحرق والاشتباكات الدامية التي اجتاحت الأرخبيل.

ولدى خروجه من الطائرة في مطار تونتوتا الدولي، قال الرئيس الفرنسي للصحافيين إنه يريد ضمان “عودة السلام والهدوء والأمن في أسرع وقت ممكن”.

وأضاف “هذه هي الأولوية المطلقة”.

ووقف ماكرون دقيقة صمت حدادا على القتلى الستة، ومن بينهم شرطيان، متعهدا إبقاء قوات الأمن “طالما كان ذلك ضروريا”.

وقال المفوض السامي للجمهورية في الأرخبيل لوي لو فرانك لوكالة الأنباء الفرنسية إنه بعد تسعة أيام من العنف “كان الليل هادئا”.

وأضاف أن “ردود فعل الطبقة السياسية” على وصول الرئيس “إيجابية إلى حد ما في كلا المعسكرين. ولم تحدث أضرار إضافية ولكن هناك الكثير من الأشياء التي تم تدميرها”.

وكان رئيس الوزراء الفرنسي غابريال أتال قد صرح الأربعاء أن هذه البعثة ستبقى في الأرخبيل “طالما كان ذلك ضروريا” و”ترمي إلى إجراء حوار سياسي محلي بهدف التوصل إلى اتفاق سياسي شامل”.

من جهتهم، أعلن الانفصاليون أنهم سيعززون الحواجز التي نصبوها على الطرق في مناطق معينة، وقال الائتلاف الانفصالي الذي ينظم الاحتجاجات منذ ستة أشهر في بيان “نبقى متأهبين”.

ويعتزم الانفصاليون خصوصا إغلاق تقاطع الطريقين الرئيسيين اللذين يتيحان الوصول إلى شمال الجزيرة خلال نهار الخميس. وقال إن المركبات الطبية ورجال الإطفاء وإمدادات المنتجات الأساسية فقط هي التي ستكون قادرة على التنقل.

هجوم سيبراني “غير مسبوق”
تأتي هذه الزيارة المفاجئة فيما تتزايد طلبات تأجيل النظر في مشروع قانون دستوري خاص بناخبي الأرخبيل رفضه الانفصاليون، وكان سببا لاندلاع أعمال الشغب.

وفي منطقة العاصمة نوميا، كانت ليلة الثلاثاء الأربعاء “أكثر هدوءا من الليلة السابقة رغم اندلاع حريقين”، على ما جاء في بيان للمفوضية السامية للجمهورية.

وقال عضو حكومة كاليدونيا كريستوفر جيجيس، إنه “بعد وقت قصير جدا من الإعلان” عن الزيارة الرئاسية، تعرض الأرخبيل لهجوم سيبراني “غير مسبوق”.

وأكد أن الهجوم الذي تضمن إرسال “ملايين رسائل البريد الإلكتروني” بشكل متزامن، تم إيقافه “قبل حدوث أضرار جسيمة”.

وطمأنت وكالة الأمن الإلكتروني الفرنسية أن الهجوم لن تكون له “تداعيات طويلة المدى”.

“نبأ سار”
بعد تسعة أيام على بدء أخطر أعمال العنف التي يشهدها الأرخبيل منذ قرابة أربعين عاما، يبقى الوضع هشا، ولا تزال أحياء كاملة تشهد أعمال شغب ولا يمكن الوصول إليها بسهولة.

وفي حي راق في نوميا لم تطله أعمال الشغب، يتناوب جان البالغ 57 عاما مع جيرانه لحراسة حاجز يهدف إلى منع عمليات توغل محتملة.

ورأى أن مجيء الرئيس الفرنسي “نبأ سار، الوضع معطل تماما، نأمل بأن يسمح ذلك بتهدئة الخواطر، وبإيجاد مخرج” من الأزمة.

وفي حاجز في دومبيا، أحد معاقل الانفصاليين غرب نوميا، يشعر مايك (52 عاما) بالسعادة أيضا لأن “ماكرون آت ليرى ما يحدث”.

لكنه أضاف: “نحن لا نزال في المعارضة”، مردفا: “لا أفهم لماذا يجب أن يناقش مصيرنا أشخاص لا يعيشون هنا حتى”.

ستة قتلى
صباح الأربعاء، كانت حرائق ما زالت مندلعة في بعض أحياء منطقة نوميا البالغ عدد سكانها 170 ألفا، من بينها منطقة دوكوس الصناعية، على ما شاهد أحد صحافيي وكالة الأنباء الفرنسية.

وقالت إدارة مدينة نوميا لوكالة الأنباء الفرنسية، إنه “من المبكر جدا” تقدير الأضرار الشاملة، لأن ثمة أحياء لا يمكن للأجهزة الرسمية الدخول إليها بعد. وأفادت بأن مدرستين و300 سيارة في وكالة بيع سيارات احترقت خلال الليل.

ومنذ بدء أعمال العنف، قتل ستة أشخاص بينهم دركيان نقل جثمانهما إلى البر الرئيسي الاثنين.

وأصيب منذ بدء أعمال الشعب في 13 أيار/مايو 86 عنصرا من القوى الأمنية، على ما أفاد وزير الداخلية جيرالد دارمانان الثلاثاء. وأوقفت القوى الأمنية 300 شخص، على ما أوضح.

وفي دليل على صعوبة السيطرة على الوضع الأمني، أعلن مطار الأرخبيل الفرنسي الدولي أنه سيبقى مغلقا أمام الرحلات التجارية حتى صباح السبت.

وأخرج نحو مئة سائح من كاليدونيا الجديدة، على ما أفادت المفوضية السامية الأربعاء. وخصصت أستراليا ونيوزيلندا رحلات لإعادة مئات من رعاياهما العالقين في الأرخبيل الفرنسي.

تأجيل الإصلاح الدستوري؟
تم الإبقاء على التدابير الاستثنائية لحالة الطوارئ: حظر التجول الليلي، وحظر التجمعات، ونقل الأسلحة، وبيع المشروبات الكحولية، وتطبيق تيك توك.

وعلى الجبهة السياسية، حثت الشخصيات الرئيسية غير الداعية لاستقلال الأرخبيل في مؤتمر صحافي في نوميا الثلاثاء، على مواصلة دراسة الإصلاح الدستوري المتنازع عليه، والذي من المتوقع إقراره قبل نهاية حزيران/يونيو.

وأكد النائب عن كاليدونيا الجديدة نيكولا متزيدورف، أن سحب مشروع التعديل “سيكون خطأ فادحا”، وسيدعم موقف “المخربين ومثيري الشغب”.

إلا أن الدعوات كثرت من كل الأطياف السياسية، وحتى من رئيسة بلدية نوميا غير المنادية بالاستقلال للمطالبة بتأجيل هذا التعديل الذي من شأنه تهميش أصوات السكان الأصليين الكاناك، على ما يؤكد المنادون بالاستقلال.

وتشكل كاليدونيا الجديدة منطقة استراتيجية لفرنسا في جنوب المحيط الهادئ، لأنها تسعى إلى تعزيز نفوذها في منطقة آسيا المحيط الهادئ، وبسبب غناها بالموارد الطبيعية، لا سيما النيكل، وهو مادة أساسية في صنع الآليات العسكرية.

زر الذهاب إلى الأعلى

You cannot copy content of this page