
رانيا أحمد تكتب “ضغوطات ترامب: محاولات إعادة تشكيل الشرق الأوسط”
رانيا أحمد
نشهد الآن فترة زمنية مليئة بتعقيدات تصعب من الأمور في الشرق الأوسط بدلا من حلها، التعقيدات جاءت بعد اقتراح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خطة مثيرة للجدل تتضمن نقل سكان غزة إلى الأردن ومصر، وتحويل غزة إلى منطقة سياحية تُشبه “ريفييرا الشرق الأوسط”…
هذا الاقتراح الذي قوبل برفض قاطع من البلدين، حيث اعتبرته الدولة المصرية تهديدًا لأمنها القومي، وأكدت الأردن أن مثل هذه الخطط قد تؤدي إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة. وحين سئل ترامب في 30 يناير عن كيفية إقناع مصر والأردن باستقبال المرحلين الفلسطينيين أجاب ببساطة وثقة : “سوف يفعلون ذلك، أليس كذلك؟ نحن نفعل الكثير من أجلهم، وسوف يفعلون ذلك”.
وبعد أن رأى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ردود فعل مصر والأردن برفض خطة التهجير التي اقترحها قام بالتهديد بقطع المساعدات عن مصر والأردن إذا رفض البلدان استقبال نحو مليوني فلسطيني والذي يعتزم ترامب ترحيلهم من قطاع غزة. لكن من الجدير بالذكر أن اقتراح ترامب يدخل في خانة التهجير القسري للسكان وهي جريمة حرب تحظرها اتفاقيات دولية من أبرزها اتفاقية جنيف … لكن في وقت سابق والولايات المتحدة كانت قد أعربت عن معارضتها لأية عملية تهجير قسري للفلسطينيين من غزة أو من الضفة الغربية حيث أن وزير الخارجية في إدارة بايدن، أنتوني بلينكن، قد صرح العام الماضي بأنه “لا يمكن، ولا يجب إجبار الفلسطينيين على مغادرة غزة”! لكن يبدو أن الإدارة الأميركية هذه المرة لها رأي آخر ..
من الجانب المصري؛ مصر موقفها ثابت ولم يتغير حيث أصدرت وزارة الخارجية بيانا تؤكد فيه بتمسكها بموقفها الرافض للمساس بتلك الحقوق، بما فيها حق تقرير المصير والبقاء على الأرض والاستقلال، كما تتمسك بحق العودة للاجئين الفلسطينيين الذين أجبروا على ترك وطنهم، وبما يتسق مع القيم الإنسانية، ومع مباديء القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، بما في ذلك قرارات الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الانسان، واتفاقية جنيف الرابعة. كما تشدد جمهورية مصر العربية أن تجاهل الشرعية الدولية في التعاطي مع أزمات المنطقة إنما يهدد بنسف أسس السلام التي بذلت الجهود والتضحيات للحفاظ عليها وتكريسها على مدار عشرات السنين. وتؤكد على اعتزامها الاستمرار في التعاون مع كافة الشركاء الإقليميين والدوليين للتوصل إلى السلام الشامل والعادل في المنطقة، وإقامة دولة فلسطين المستقلة على أرضها وفقاً للقانون الدولي على خطوط الرابع من يونيو لعام ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشريف.
الجانب السعودي أيضا كان له رد على الضجة التي أثارتها تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، عن “تهجير” الفلسطينيين، ملقية الضوء على مواقف وبيانات رسمية لدول عربية أدانت واستنكرت هذه التصريحات. حيث أعلنت السعودية “رفضها القاطع لمثل هذه التصريحات التي تستهدف صرف النظر عن الجرائم المتتالية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي تجاه الأشقاء الفلسطينيين في غزة، بما في ذلك ما يتعرضون له من تطهير عرقي … منوهين على أن حق الشعب الفلسطيني الشقيق سيبقى راسخاً، ولن يستطيع أحد سلبه منه مهما طال الزمن، وأن السلام الدائم لن يتحقق إلا بالعودة إلى منطق العقل، والقبول بمبدأ التعايش السلمي من خلال حل الدولتين”.
أما الأردن فقد جاء موقفها الرسمي على لسان وزير خارجيتها أيمن الصفدي بعد لقاء العاهل الأردني الملك عبدالله بن الحسين وولي عهده الأمير الحسين بن عبدالله بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب والذي اكد على أنّ حلّ القضية الفلسطينية يتمثل في تثبيت الشعب الفلسطيني الشقيق على أرضه، وأن الحوار أساسي، وموقف الأردن قوي ومستند إلى ثوابت واضحة ومنطق واضح، كما أشار إلى ما تقدّمه الأردن ومصر وكل الدول العربية قادر على تحقيق السلام وما يريده الرئيس الأمريكي لتحقيق السلام في المنطقة أيضًا تمثل هذه التحولات الجذرية في الموقف الاميركي احد مؤشرات الضغوط المتصاعدة على دول المنطقة حيث تعكس تصريحات ترامب يقين كامل من تمكنه من استخدام كافة أدواته لتحقيق ذلك المخطط . وتمثل القمة العربية المقرر عقدها في القاهرة احد التحركات العربية الرئيسية لمراجعة مخططات التهجير الاميركية، الأمر الذي يتطلب وحدة المواقف العربية خلال القمة والخروج ببيان قوي وواضح لرفض المخططات الاميركية والحفاظ على حقوق الشعب الفلسطيني .
ومن الممكن للدول العربية أن تتوجه بعد القمة إلى مجلس الأمن بموقف موحد وواضح، تؤكد فيه مواقفها السابقة المستندة إلى قرارات الأمم المتحدة التي تعطي الحق للفلسطينيين والإسرائيليين في العيش بسلام في دولتين متجاورتين.