أقلام حرة

“المحاماة المستقلة… بين مسحوقي العدالة وحيتان النفوذ!”

بقلم: الدكتور طه الحراحشه

المحاماة ليست مجرد مهنة، بل هي رسالة ومسؤولية وأمانة في عنق من يحملها. غير أن هذه الرسالة أصبحت في ظل الواقع الحالي مهددة بالتشويه والاختلال، لا بسبب ضعف في القوانين، بل نتيجة تغول بعض أصحاب النفوذ وتداخل الأدوار بشكل فج وغير مقبول،،
كيف يعقل أن يمارس المحاماة بعض الوجهاء أو شيوخ، يتقاضون رواتب وأعطيات من مؤسسات الدولة، بينما يستثمرون وجاهتهم للمزيد من المعارف لا لنصرة الحق بل لكسب العارف، للتأثير على مجريات القضايا؟! هؤلاء لا يدخلون جلسات الإصلاح أو الأعراس لوجه الله، بل ليرسخوا شبكة علاقات تثمر لاحقا قدرة على التأثير على القاضي أو المسؤول، وهو ما يسقط مبدأ العدالة من أساسه ،،
والأدهى، أن يمتهن المحاماة بعض الاعيان والنواب ووزراء سابقون ؟ فكيف نصدق حيادية محام كان بالأمس مسؤولا عن الجهة التي ينظر قضيتها اليوم؟ أي البعض يمكنه أن يتجرد من الحرج أو الضغوط حين يقف أمامه من كان يملك القرار والإقالة وقد يعود ؟! إنها معادلة معطوبة من أولها إلى آخرها ،،
أما المحامون المستقلون، أولئك الذين لا يحملون “كرت” عشائري ولا لقب نيابي أو وزاري، فهم مسحوقون تحت عجلات بعض هذه الحيتان ،، لا صوت لهم يسمع، ولا نفوذ يخشى، رغم أنهم الأكثر التزاما والأجدر بأن يكونوا وجه العدالة النزيه ،،
وليس خافيا أن بعض المتنفذين يمارسون المحاماة بشكل غير معلن واسع واتعاب فلكية ؟ تسجيل ضريبي صوري، وأتعاب تدفع تحت الطاولة، ووساطات تنخر في جسد القضاء. هذا ليس فقط فسادا، بل تدمير ممنهج لثقة الناس بمنظومة العدالة ، فالكثير لا يمكنه دفع اتعابهم المرتفعة ،،
إننا بحاجة ماسة إلى موقف واضح: إمّا أن نعيد للمحاماة استقلالها ونمنع ازدواجية المواقع، أو نقر بأن العدالة في خطر، وأن القانون أصبح لعبة بيد أصحاب النفوذ ،،
فهل من سامع؟ وهل من غيور على هيبة القضاء وعدالة القانون؟

زر الذهاب إلى الأعلى