
المعايير الدولية لمكافحة الفساد ومدى توافقها مع التشريعات الناظمة للاستثمار في الأردن
الاستاذ المحامي علاء ابو سويلم
اولاً وقبل كل شيء ينبغي علينا لفت الأنتباه إلى أن أفة الفساد من الأفات المتفشية في مختلف دول العالم دون أستثناء ، وهذه الأفة على اختلاف أنواعها و أشكالها هي نتاج تفكك منظومة بعض القيم الجوهرية للمجتمع الإنساني ، والتي تؤثر بشكل مباشر إلى تباطؤ نمو أقتصاديات الدول التي تستشري بها هذه الأفة الفتاكة ، بل وأكثر من ذلك فقد يصل إلى الأمر إلى مرحلة أنهيار نظامها السياسي بالكامل ، وهذا هو ما حدث في عدد من الدول المجاورة في الإقليم.
ومن الأهمية بمكان الإشارة إلى ظاهرة الفساد في الأردن وبفضل توجيهات جلالة الملك عبدالله الثاني و منذ توليه سلطاته الدستورية كانت على نطاق ضيق للغاية ويتم السيطرة عليها من قبل السلطات المختصة وفي مقدمتها هيئة النزاهة ومكافحة الفساد ، والتي اثبتت على قدرتها الفائقة على كشف التجاوزات والمخالفات – حال حدوثها من بعض الأفراد الذين يعملون في مؤسسات القطاع العام أو الخاص على حد سواء ، ولعلنا لا نجانب الصواب إذا ما قلنا أن الأردن نموذج يحتذى به على مستوى العالم في مجال سن التشريعات والقوانين الصارمة لردع كل من تسؤول له نفسه الخروج عن القانون ومحاسبته كائناً من كان ، وتشير الأحكام القضائية الصادرة بحق بعض الذين خرجوا عن القانون واستعادة الأموال التي تم كسبها بطريقة غير مشروعه إلى خزينة الدولة مدى قدرة الحكومة الأردنية على السيطرة على ظاهرة الفساد ، التقليل قدر الاستطاعة من أثاره السلبية على الاقتصاد الوطني.
ومن هنا تجدر الإشارة إلى أنه مكافحة الفساد وتفشيه أولوية رئيسية من أولوياتنا الوطنية.
حيث أن الفساد كظاهرة إن وجدت داخل الدولة فهو يعمل على اضعاف قدرة الدولة لتلبية الاحتياجات الاساسية لمواطنيها و على الصعيد الدولي يجعل الدولة عاجزة على القيام بأداء ما عليها من واجبات تجاه المجتمع الدولي والصعيدين السياسي والاقتصادي لذلك لابد من حشد الطاقات لمعالجة هذه الظاهرة حيث نلاحظ المجتمعات الدولية والعربية بشكل خاص تولي اهتماما كبيرا للحد من تفاقم هذه الظاهرة.
والأردن عمل خلال السنوات الفائتة على توفير البيئة السياسية والقانونية المناسبة للحد من انتشار هذه الظاهرة السياسية وتوفير هذه البيئة هناك عدة تحديات عند المجتمع الأردني للوصول إلى تعزيز مفهوم الشفافية والنزاهة في القطاعين العام والخاص حيث لاحظنا أن الأردن عمل خلال السنوات العديدة لإيجاد منظومة قضاء قوي قادر على تطبيق القانون و وجود هيئة مكافحة الفساد القوية وأيضا لاحظنا وجود شفافية بتقنيات الحكومية و لاحظنا وجود إعلام قوي مستقل وفعال.
ومن هذا المنطلق يبذل الاردن جهودا مظنية لمكافحة الفساد بكافة أشكاله حيث أصدر الأردن لهذه الغاية قانون الاستثمار الأردني رقم 30 لسنة 2014 بالإضافة للأنظمة التنفيذية الصادرة لمقتضاه بالإضافة إلى قانون صندوق الاستثمار الأردني رقم 16 لسنة 2016 وغير من تشريعات ذات الصلة ومن هنا لابد من السؤال عن مدى مناسبة المعايير الدولية لمكافحة الفساد ومدى توافقها مع التشريعات الناظمة للاستثمار في الأردن وفي مقدمتها اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لاحظنا أن الاردن اتخذ تدابير وقائية لمكافحة الفساد في مجال الاستثمار حيث يلاحظ الجميع وجود هيئة المستقلة لمكافحة الفساد ودورها الفعال في التعاطي معه كما أيضا لاحظنا مدى استقلالية الجهاز القضائي والأجهزة النيابة العامة وعدد القضايا التي تم احالتها لهيئة مكافحة الفساد كما بذل الأردن جهدا كبيرا لإيجاد قواعد قانونية تنظم إنشاء الشركات التجارية وإدارتها و إلزامها بسبك دفاتر التجارية و السجلات وفق الأصول المحاسبية السليمة المتبعة في القطاع الخاص كما ولاحظ الجميع عن الأردن عمل على إنشاء القواعد القانونية المنظمة لإدارة الأموال العامة المشتريات وإنشاء قواعد سلوك الموظفين العموميين كما وأوجد الأردن وفق المعايير الدولية لمكافحة الفساد في اتفاقية الأمم المتحدة التدابير التشريعية والإدارية الخاصة بتجريم الأفعال ذات الصلة بالاستثمار ومنها جريمة الرشوة و الاختلاس واستغلال النفوذ وبالإضافة إلى توفير السبل القانونية السليمة للملاحقه القضائية وإيقاع الجزاءات المناسبة .
ومن المبادئ الأساسية التي تبعها الأردن في مجال مكافحة الفساد على الصعيد الدولي حيث نص الفصل الخامس من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد على ضرورة اتخاذ الدول الأعضاء كل ما يلزم من التدابير للتحقق من هوية الزبائن مع المؤسسات المالية و ملكيتهم للأموال المودعة في حسابات بنكية عالية القيمة ومنها صور اتخاذ التدابير الوطنية ذات الصلة بغسيل الأموال في المصارف و المؤسسات المالية و مدى كفايتها لتصدي لجريمة غسل الاموال وأيضا التعامل مع الحسابات البنكية و مصادرة الأموال ذات الصلة بجرائم الاستثمار في حال وجود شبهات فساد حيث نلاحظ التعامل الدولي في مجال استرجاع الموجودات والممتلكات الموجودة خارج الأردن وهو الأمر الذي يبرر عقد اتفاقيات ضخمةوترتيبات ثنائية أو متعددة الأطراف لتعزيز فعالية التعاون الدولي ومن أهم المعايير الدولية التي تتبعها الأردن في مجال مكافحة الفساد ما ورد ضمن اتفاقية الأمم المتحدة البند السادس يتمثل بفرض التزامات على الدول الأعضاء لغايات استحداث وتطوير برامج خاصة لتدريب موظفيها على مكافحة الفساد وبالإضافه إلى جمع المعلومات المتعلقة بالفساد وتبادلها وتحليلها وهي المعايير ذاتها التي نصت عليها الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد في المادتين 31 و 32 منها من هنا تبرز الحاجة للوقوف على أحكام المساعدة التقنية وتبادل المعلومات في التشريعات الوطنية الأردنية ذات الصلة بالاستثمار والقدر الذي تتضمن فيه هذه التشريعات نصوصا تلزم الدولة الأردنية بتدريب الموظفين المسؤولين بمكافحة الفساد وجمع المعلومات المتعلقة بالفساد في مجال الاستثمار وتحليلها و تبادلها عند الحاجة