أقلام حرة

” الطريق إلى النكسة ج 2 “

مهند أبو فلاح

دق ناقوس الخطر لدى حكام تل أبيب في أعقاب التصريحات الصحفية التي أدلى بها الرئيس السوري الأسبق الفريق الركن محمد أمين الحافظ في مطلع شهر حزيران / يونيو من العام 1965 و التي أعلن من خلالها عن وجود خطة عسكرية متكاملة شاملة لدى بلاده لتحرير فلسطين فسارعت دوائر الأمن و الاستخبارات الصهيونية إلى إجراء صفقة مع نظيرتها المغربية بحسب مائير عاميت رئيس جهاز الموساد الأسبق .

الصفقة بحسب عاميت عرّاب العلاقات المغربية الصهيونية منذ أواخر العام 1963 و التي توثقت في أعقاب اندلاع حرب الرمال بين المغرب و جارتها الشرقية الجزائر تضمنت زراعة أجهزة تنصت في أروقة القمة العربية الثالثة التي عقدت لاحقا في شهر أيلول / سبتمبر من العام 1965 في مدينة الدار البيضاء ” كازابلانكا ” ، و – التي ناقشت مقترحات الرئيس السوري في حينها الفريق الحافظ بحسب الصحفي المصري المرموق محمد حسنين هيكل في كتابه سنوات الغليان ـ مقابل تصفية المعارض المغربي المعروف المهدي بن بركة و الذي تم اختطافه في العاصمة الفرنسية باريس في أواخر شهر تشرين الأول/ اكتوبر من العام نفسه و تصفيته باستخدام حامض الأسيد من قبل الموساد الصهيوني و عناصر من أجهزة الأمن الفرنسية متعاونة مع الصهاينة .

لم يكن المهدي بن بركة مجرد شخصية معروفة مؤثرة في مجريات الأحداث في المغرب العربي بل كانت له اتصالاته الوثيقة بالقوى الفاعلة المؤثرة في المشرق العربي بحسب باتريك سيل الصحفي البريطاني الجنسية مؤلف كتاب ” أسد سورية ـ الصراع على الشرق الأوسط ” حيث كانت له علاقات وثيقة بحزب البعث العربي الاشتراكي في سورية كما أن بعض المصادر الصحفية تحدثت عن دخوله بقوة على خط الوساطة بين الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر و حزب البعث لإصلاح ذات البين و رأب الصدع بين الطرفين الذي تكرس في أعقاب حركة العقيد جاسم علوان الانقلابية الفاشلة في دمشق في 18 تموز / يوليو 1963 ، لذلك لم يكن مستغربا ان يسعى الصهاينة إلى القضاء على هذا المناضل العربي الاصيل و تصفيته جسديا .

على أية حال فإن النقاشات المعمقة المطولة في قمة الدار البيضاء كشفت النقاب عن عدم استعداد الدول العربية لخوض مواجهة عسكرية نظامية حاسمة مع الكيان الصهيوني لتحرير فلسطين السلبية و السبب في ذلك يعزى جزئيا إلى تورط الشقيقة الكبرى مصر حينها في حرب استنزاف طويلة الأمد في قمم و رؤوس جبال شمال غرب اليمن في أعقاب الإطاحة بنظام الامام أحمد بن يحيى حميد الدين الحاكم في صنعاء في 26 ايلول / سبتمبر 1962 ، و هو الأمر الذي ترتب عليه اعداد الصهاينة للاخذ بزمام المبادرة هجوميا فيما بعد و تحديدا في الخامس من حزيران / يونيو 1967 .

زر الذهاب إلى الأعلى