أقلام حرة

الأردن 2030: رؤية سياحية نحو الاستدامة والشمولية لتجاوز الأزمات و التحديات

الدكتور نضال ملو العين

يواجه قطاع السياحة الحيوي في الأردن تحديات متزايدة تتطلب نهجًا جديدًا ومبتكرًا لضمان استمراريته ونموه. وفي هذا السياق، تسعى “رؤية تطوير السياحة في الأردن 2030” إلى تحويل القطاع من مجرد جذب السياح إلى نموذج شامل ومستدام، يعتبر كل مواطن أردني شريكًا أساسيًا فيه.
السياحة: محرك اقتصادي ودبلوماسي
تؤكد الرؤية أن السياحة تتجاوز مجرد الزيارات؛ إنها اقتصاد تراكمي يشمل سلسلة قيمة متكاملة، من المدخلات وصولاً إلى منتج سياحي نهائي. هذا يعني أن السياحة ليست صناعة منفصلة، بل هي مرتبطة بالعديد من القطاعات الأخرى، وتتأثر بها وتؤثر فيها.
كما تبرز الرؤية الدور المحوري للسياحة كـدبلوماسية شعبية. فمن خلال التفاعل المباشر بين الزوار والمجتمعات المحلية، تُقدم السياحة صورة حضارية وثقافية للأردن، وتعزز مكانته على الساحة الدولية. والأهم من ذلك، تُعد السياحة نافذة الأردن للتأثير على الرأي العام المحلي والعربي والعالمي، مما يُسهم في تسويق الأردن كوجهة للاستثمار والصناعة والتجارة، وليس فقط للترفيه.
وتشدد الرؤية على أن إشراك المجتمع المحلي والوطني هو مفتاح النجاح. كل أردني وأردنية هو سفير للقطاع السياحي، وهذا يتطلب تعزيز الوعي بأهمية السياحة ودور كل فرد في إنجاحها.
مواجهة التحديات بحلول مبتكرة
يواجه القطاع السياحي في الأردن أزمة تتطلب حلولاً جذرية. وتشمل أبرز المقترحات ما يلي:

  • الدعم المالي والتمويل:
  • صندوق تنمية وتطوير السياحة: سيتم إنشاء هذا الصندوق لتوفير الدعم المالي للمشاريع السياحية وتطوير البنية التحتية، على غرار صندوق الصناعة.
  • إيرادات من الأصول الرقمية: اقتراح بإنشاء أصول رقمية مثل “Petra Coin” لتحقيق إيرادات غير تقليدية، سواء بوجود السائح أو في غيابه.
  • تحويل الديون الدولية إلى استثمارات سياحية: السعي لتحويل الديون الدولية والمنح والمساعدات إلى استثمارات حقيقية في مشاريع سياحية مستدامة، مما يحقق مبدأ “رابح-رابح” للجميع.
  • إعادة هيكلة وتنوع المنتجات:
  • مراجعة شاملة لمنظومة السياحة: إعادة النظر في جميع الأنظمة والقوانين المنظمة للقطاع لتكون مرنة ومتوافقة مع التطورات العالمية.
  • تنوع المنتجات السياحية: تجاوز النماذج التقليدية والتركيز على جودة وابتكار مدخلات المنتج السياحي. هذا يشمل:
    • تحفيز السياحة الداخلية: تقديم أسعار تفضيلية للأردنيين لضمان استدامة القطاع.
    • منشآت وخدمات سياحية منخفضة التكاليف وصديقة للبيئة: توفير خيارات سياحية بأسعار معقولة، بالإضافة إلى الخيارات الفاخرة.
    • دعم المشاريع الفردية والصغيرة: توفير حاضنات أعمال وبيئة داعمة للشباب والمجتمعات المحلية.
    • تطوير المنتج السياحي ليعكس الأصالة: دمج التراث والثقافة الأردنية في التجربة السياحية.
    • السياحة الدينية الشاملة: رسم قصص وروايات جذابة لكل موقع ديني.
    • تمييز أشهر السنة للمواقع السياحية: ربط تاريخ تأسيس المواقع بفعاليات خاصة لجذب الانتباه.
  • التسويق والترويج الرقمي وصناعة المحتوى:
  • استهداف الأفراد والعائلات مباشرة: حملات تسويقية تصل إلى الجمهور المستهدف بأساليب تتوافق مع اهتماماتهم.
  • منصة سياحية شاملة: إنشاء منصة تقدم محتوى سياحيًا غنيًا ومتنوعًا.
  • الاستفادة القصوى من أدوات التسويق الرقمي: مواقع احترافية، وسائل التواصل الاجتماعي، تحسين محركات البحث (SEO).
  • الذكاء الاصطناعي (AI): استخدامه في التسويق والإعلام والعلاقات العامة لتقديم تجارب مخصصة وتحسين استهداف الحملات.
  • صناعة الأفلام والمحتوى المرئي والمسموع: الاستثمار في الأفلام الوثائقية والدرامية والمحتوى البصري لتقديم رسالة أردنية واضحة ومؤثرة.
  • تعزيز المرونة وإدارة الأزمات والبنية التحتية:
  • بروتوكول ثابت للأزمات والحروب: وجود خطة عمل واضحة لمواجهة الظروف الاستثنائية في الحرب و الازمات
  • تعزيز النقل الجوي المحلي: تقليل الاعتماد على شركات الطيران الأجنبية وتعزيز شركات الطيران المحلية.
  • دور مطار البترا: تطويره واستغلال إمكاناته لتعزيز مكانة الأردن كمركز سياحي إقليمي.
  • الاستفادة من الفرص البيئية والعلاقات الدولية:
  • الدعم البيئي والبصمة الكربونية الصفرية: الاستفادة من المنح والهبات المرتبطة بالممارسات البيئية المستدامة.
  • العلاقات الدولية: استغلالها لتعزيز الطلب على السياحة الأردنية.
    دمج المجتمعات المحلية
    تؤكد الرؤية على أهمية إدماج المجتمعات المحلية في العملية السياحية. هذا الدمج يعزز تجربة السائح من خلال التفاعل المباشر مع الثقافة المحلية، ويخلق فرص عمل ودخلاً للمواطنين في المناطق السياحية، مما يسهم في التنمية الشاملة.
    خارطة طريق لمستقبل السياحة
    تُشكل رؤية تطوير السياحة في الأردن 2030 خارطة طريق شاملة تهدف إلى تحويل القطاع السياحي إلى قطاع مرن، مستدام، ومبتكر. من خلال تبني مفهوم السياحة كـ”اقتصاد تراكمي” و”دبلوماسية شعبية”، وتعزيز دور المجتمع المحلي، وإعادة هيكلة المنظومة الشاملة، والاستفادة من التقنيات الحديثة، ووضع خطط استباقية لإدارة الأزمات، يمكن للأردن أن يعزز مكانته كوجهة سياحية عالمية رائدة، تضمن التوازن بين الربحية والحفاظ على الأصالة الثقافية والتراثية.
زر الذهاب إلى الأعلى