
تجويع وأوبئة في سجن مجدو: جثمان أسير شهيد بدون أنسجة دهنية في جسمه
الشاهين الاخباري
يعاني الأسرى الفلسطينيون، وقسم كبير منهم قاصرون، في السجون الإسرائيلية وبشكل خاص في سجن مجدو، من سياسة متعمدة تتبعها مصلحة السجون وتنتج عنها مجاعة وانتشار أوبئة، تؤدي إلى فقدان الوزن وأجساد هزيلة جدا، وفي بعض الحالات إلى استشهاد أسرى. كما يعاني الأسرى من التعذيب والممارسات العنيفة المتواصلة من جانب السجانين.
إحدى هذه الحالات كانت في شهر آذار/ مارس الماضي، عندما انهار الأسير وليد أحمد (17 عاما) في ساحة سجن مجدو واستشهد. وكشف تقرير كتبه طبيب حضر تشريح الجثمان بتكليف من عائلة الأسير الشهيد ، أن جسد الشهيد وليد كان خاليا تقريبا من الأنسجة الدهنية (التي لا يمكن لجسم الإنسان أن يعيش بدونها، فهي مخزن للطاقة وعازل حراري ووسادة واقية للأعضاء، وتشارك في إنتاج الهرمونات وتنظيمها) وعانى من الوباءين المنتشرين في السجن، وهما الجرب والتهاب الأمعاء الغليظة.
لكن السلطات الإسرائيلية لم تحقق في استشهاد الأسير وليد. وحسب تعقيب وزارة الصحة الإسرائيلية، فإنه “بموجب القانون، نتائج غير مألوفة (للتشريح) تُنقل إلى عناية الجهات ذات العلاقة”، كما أن وحدة التحقيقات مع السجانين في الشرطة لم تحقق باستشهاد وليد، وفق ما ذكرت صحيفة “هآرتس” اليوم، الجمعة.
وأفادت المنظمة الحقوقية أطباء لحقوق الإنسان، الشهر الماضي، بأن وباء الجرب منتشر أيضا في سجون “كتسيعوت” (سجن النقب الصحراوي) و”غانوت” (في جنوب النقب) وأيالون (سجن الرملة)، التي يقبع فيها أسرى فلسطينيون. وجاء في تصريح قدمته المنظمة في إطار التماس حول تقليص كميات الطعام التي تقدم إلى الأسرى، أن الأسرى أفادوا بانخفاض كبير في أوزانهم. ونقلت الصحيفة عن محامين قولهم إن الظروف الأسوأ يعاني منها الأسرى في سجن مجدو.
منذ بداية الحرب على غزة، استشهد 5 أسرى في سجن مجدو، و7 في سجن النقب الصحراوي. وأفاد نادي الأسير الفلسطيني باستشهاد 73 أسيرا في السجون الإسرائيلية، وكان على جثماني أسيرين علامات تؤكد تعرضهما للتعذيب وعنف شديد. وأفاد أسرى بأن عنف السجانين هو أمر عادي في السجون.
ونقلت الصحيفة عن أسير قاصر محرر من نابلس، قوله إنه “لا أحد يشبع في السجن. وكان السجانون يدخلون صحن أرز لعشرة أشخاص في الزنزانة. وهذه كمية تكفي لشخص واحد، لكننا جميعا تشاركنا فيها”
وأضاف أن هذه كانت وجبة غداء، لكن الوجبات الأخرى كانت صغيرة جدا أيضا. وأشار إلى أن قطعة الجبن “لا تكفي لتغطية قطعة الخبز”. ولم يستجب السجانون أبدا لطلب أسرى بمزيد من الطعام. وأكد الأسير القاصر أنه “خلدت إلى النوم جائعا في جميع الأيام” التي قضاها في السجن.
وأفاد أسرى آخرون بأن جودة الطعام في سجن مجدو سيئة للغاية، وأن “السلطة تكون عفنة أحيانا، والأرز ليس مطهيا”، وأبلغوا محاميهم بأن الكمية المقدمة للأسرى في الزنزانة هي “ملعقتين أو ثلاث ملاعق في كل وجبة”.
وأضافت الصحيفة أن هذه الممارسات ضد الأسرى هي نتيجة لسياسة وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، الذي أوعز بتغيير هائل لظروف عيش الأسرى الفلسطينيين، بعد بدء الحرب على غزة، وبضمن ذلك منع الأسرى من التوجه إلى الكانتينا (دكان السجن) وإخراج أواني وأجهزة الطهي من الزنازين وتقليص كمية الطعام إلى الحد الأدنى “الذي يلزم به القانون”.
وادعت مصلحة السجون في ردها على التماس قدمته جمعية حقوق المواطن أنها زادت كمية الطعام، وأرفقت قائمة بالمواد الغذائية المقدمة للأسرى الفلسطينيين قياسا بالطعام المقدم للسجناء الجنائيين، وتبين منها أن الأسرى يحصلون على نصف كمية اللحم المقدم للسجناء الجنائيين، وأن الأسرى لا يحصلون على الفاكهة أبدا ولا على حلويات، خلافا للجنائيين.
لكن إفادة أسيرين فلسطينيين قاصرين أظهرت أنه حتى بداية العام الحالي، لم يحصلوا على قائمة الطعام الهزيلة أيضا التي تعهدت بها مصلحة السجون أمام المحكمة، كما أكدت إفادات جميع الأسرى الفلسطينيين أنه بقوا جائعين دائما.
وأصيب عدد كبير من الأسرى بوباءي الجرب والتهاب الأمعاء، الأمر الذي جعلهم لا يقوون على النهوض من فراشهم، حتى من أجل الذهاب إلى المرحاض. وأفاد عدد منهم بأن “المسعفين يحضرون إلى القسم، وينظرون من النافذة ويعطوننا أكامول ويقولون كُلوا أرز وخبز بدون أي شيء آخر”.
وأعلنت مصلحة السجون الإسرائيلي، في نهاية العام الماضي، ردا على التماس، أن حوالي 2800 أسير فلسطيني أصيبوا بوباء الجرب المعدي. وأفادت منظمات حقوقية بأن أسرى كثيرون عانوا في الوقت نفسه من الوباءين، الجرب والتهاب الأمعاء.
وكتب الطبيب الأخصائي في علم الأحياء الدقيقة السريرية، بروفيسور عاموس أدلر، في مذكرة لأطباء لحقوق الإنسان التي قدمتها إلى مصلحة السجون، حول انتشار وباء التهاب الأمعاء، أن “الأسباب المحتملة لانتشار الوباء هي الاكتظاظ والنقص في التغذية ومستوى نظافة متدن”.