
حين يصبح حب الوطن حصناً منيعاً أمام العابثين
د. نعيم الملكاوي
إن حبَّ الوطن ليس شعاراً يُرفع حين تحلو الظروف، ولا يافطةً تُعلّق على الجدران لتجميل الواجهة، بل هو يقينٌ راسخ في القلب يسري مسرى الدم ، وسلوكٌ يوميٌّ يترجم الانتماء إلى أفعالٍ تحفظ الأرض والإنسان وتصون الهيبة والكرامة .
حين نقول إننا نحب الأردن، فنحن لا نعني كلماتٍ منمّقة تُردّد في المناسبات الوطنية، بل نعني ميثاقاً غليظاً أمام الله مع هذه الأرض ألا نتركها لقمةً سائغةً لأصحاب الأجندات، ولا نسمح لأي عابثٍ أن يعبث بمقدراتها أو يجرّ أقدام شبابها إلى زعزعة الانتماء لها .
الانتماء الأصيل… التزامٌ لا ادّعاء … الانتماء الصادق ليس تملقاً ولا نفاقاً ولا استعراضاً أمام القطيع . إنه التزامٌ أخلاقي وقيميّ بأن نكون أوفياء ، وأن نضع مصلحة الوطن فوق مصالحنا الضيقة.
إن من يحب وطنه حقاً لا يسرق ولا يفسد ولا يروّج للشائعات ولا يشوّه صورة بلاده أمام العالم ولا يطعن بالخلف ، بل يردّ كيد كل مروّجٍ أو صاحب أجندة تحاول المساس بهيبة الأردن أو تشويه وحدته الوطنية .
للأسف، ثمة من يتخفّى خلف أقنعة الوطنية وهو يزرع بذور الفتنة ، ويحرّض على الانقسام ، وينشر الشائعات المغرضة التي تطعن في مؤسسات الدولة أو تشكّك في انتماء الناس لبعضهم بعضاً .
إن هؤلاء – مهما علا صراخهم – لن ينالوا من هذا الوطن شيئاً ما دام في قلوبنا متّسعٌ من الصدق والإخلاص.
هؤلاء هم الوجه الآخر للنفاق الذي قديماً كان يظهر على هيئة تملّق ، واليوم يظهر عبر منصات التواصل أو أصواتٍ مدفوعةٍ بأموال الخارج واجنداته النتنة ، تحاول شحن العقول بالغضب الأعمى لتخريب علاقة الأردني بأرضه وقيادته وهويته .
حبُّ الأردن الصادق يعني أن نقف جميعًا في وجه من يروّج للفوضى والإشاعة ، وأن نتحقق من كل خبرٍ قبل أن نصدّقه أو ننقله ، ويعني أن نكون أوفياء لدماء الشهداء الذين دفعوا حياتهم فداءً لهذا التراب ، فلا نخذلهم بضعف عزيمتنا أو تشتّت قلوبنا .
حب الوطن يعني أن نُحسن العمل ، ونتقن الأمانة ، ونربّي أبناءنا على احترام الأرض والناس والقانون .
هو ألا نتاجر بأوجاع الوطن ولا نجعل من صعوباته شماعةً لتبرير الغش أو الفساد أو التجاوز .
وكيف لا نستمدّ الصدق من أقوال الهاشميين الذين ظلّوا دوماً الحصن المنيع لهذا الوطن ؟
فها هو الملك الباني الحسين بن طلال – طيّب الله ثراه – يقول (الإنسان أغلى ما نملك)
وجلالة الملك عبدالله الثاني – حفظه الله – يؤكد دائماً ( إن انتماءنا لوطننا هو التزامٌ حقيقي يُترجم إلى عمل) .
وولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني يقولها بوضوح ( الانتماء للوطن ليس كلمات تُردّد ، بل التزامٌ يُمارَس) .
اقولها بصوت يصدح بأرجاء الوطن إن الذين يحاولون المساس بهيبة الأردن اليوم أو زعزعة انتمائنا له لن يجدوا إلا جداراً من الوعي الصادق ، والحب الأصيل الذي لا تزعزعه الرياح.
سيظل الأردن أكبر من المتآمرين ، وأقوى من الشائعات ، وأبقى من كل صوتٍ حاقد .
ولن نترك وطننا أبداً للأقدار تتقاذفه ، بل واجبنا أن ندافع عنه ونذود عن حماه بأرواحنا وعقولنا وأقلامنا ، ليبقى أردنّنا حرّاً أبيّاً محفوظاً في قلوب أبنائه جيلاً بعد جيل .