فلسطين

الاستيطان بالضفة.. خطوات إسرائيلية محمومة تُمهد لضمها فعليًا والسيطرة عليها

الشاهين الاخباري
لم تتوقف “إسرائيل” عن سياستها الاستيطانية في الضفة الغربية المحتلة، بل تسارعت وتيرتها بشكل غير مسبوق منذ تولي حكومة اليمين المتطرف برئاسة بنيامين نتنياهو نهاية عام 2022، بغية فرض أمر واقع جديد يُمهد لضم الضفة ويُعزز “سيادة الاحتلال” عليها.

وخلال أقل من 3 سنوات، ارتفع عدد المستوطنات في الضفة بنسبة 40%، من 128 إلى 178 مستوطنة، وفق تقرير إسرائيلي نُشر مؤخرًا.

ووفقًا للتقرير، فإن هذه الزيادة تشمل 19 مستوطنة قائمة تم الاعتراف بها رسميًا، إلى جانب 7 مزارع رعوية، و14 حيًا استيطانيًا لم يكن معترفًا بها سابقًا، إضافة إلى 10 مستوطنات ما تزال “على الورق”.

ولم تكتف حكومة الاحتلال بتوسيع المشروع الاستيطاني، بل تُطلق العنان لمليشيات استيطانية مسلحة لتنفيذ ما وصفوه بـ”الضم الميداني الزاحف”، الذي يفرض “السيطرة الإسرائيلية”، الكاملة على أراضي الضفة عبر العنف والترهيب، والاعتداء على المواطنين وممتلكاتهم وتهجيرهم من أراضيهم قسرًا.

وكشف المكتب الوطني للدفاع عن الأرض والاستيطان، عن مخطط إسرائيلي جديد لبناء 2339 وحدة استيطانية في شمال ووسط وجنوب الضفة، في خطوة تعمق عزل القرى الفلسطينية داخل جيوب محاطة بالمستوطنات، وتهدد بمزيد من تفكيك الجغرافيا الفلسطينية.

ويعتمد المستوطنون، بدعم مباشر من حكومة الاحتلال وجيشها، على إستراتيجية ممنهجة لبسط السيطرة على أراضي الضفة، تبدأ بإنشاء بؤر رعوية استيطانية في مناطق إستراتيجية، وتستكمل بتهجير السكان الفلسطينيين، وصولًا للاستيلاء الكامل على الأرض.

وحسب حركة “السلام الآن” الإسرائيلية المتخصصة بشؤون الاستيطان، فإن “المجلس الأعلى للتخطيط والبناء” التابع للاحتلال قدم منذ بداية عام 2025، مخططات لبناء 20,214 وحدة استيطانية، وهو رقم قياسي إذا ما قورن بالسنوات الماضية.

ومنذ تشكيل الحكومة اليمينية، تم الاعلان عن حوالي 25,824 دونمًا “أراضي دولة”، أي ما يعادل نصف إجمالي الأراضي التي أُعلنت “أراضي دولة” منذ اتفاقيات أوسلو.

ويعتبر إعلان الأراضي كـ”أراضي دولة” إحدى الأدوات الرئيسية التي تستخدمها سلطات الاحتلال للسيطرة على اراضي الفلسطينيين، وخاصة في المناطق المصنفة (ج) في الضفة، من أجل تخصيصها للمستوطنين ومشاريعهم الاستيطانية.

تسارع غير مسبوق

المختص في شؤون الاستيطان بسام بحر يقول إن الضفة الغربية تتعرض من شمالها حتى جنوبها لتسارع غير مسبوق في وتيرة الاستيطان الإسرائيلي، وسط تواجد للمستوطنين في كل بقعة من قرى وبلدات الضفة.

ويوضح بحر في حديث خاص لوكالة “صفا”، أن المستوطنين صعدوا في الآونة الأخيرة، من اعتداءاتهم في الضفة، عبر إقامة البؤر الاستيطانية، و”كرفانات” متنقلة، فضلًا عن تهجير الفلسطينيين قسرًا من مساكنهم ومنازلهم، كما حدث في عرب المليحات والخان الأحمر.

ويضيف أن حكومة الاحتلال تُسابق الزمن من أجل فرض سياسة أمر واقع في الضفة، بهدف السيطرة عليها وضمها فعليًا،

ويشير إلى أن هناك هجمة استيطانية شرسة ومتسارعة في الضفة والقدس، وهناك قرارات من حكومة الاحتلال بالمصادقة على بناء آلاف الوحدات الاستيطانية الجديدة، بما يؤدي للسيطرة على آلاف الدونمات من أراضي الفلسطينيين.

وسجلت حكومة الاحتلال أرقامًا قياسية في إنشاء البؤر الاستيطانية غير القانونية، والتي بلغ عددها بنهاية عام 2024 نحو 214 بؤرة، منها 66 بؤرة أُنشئت خلال العدوان المتواصل على قطاع غزة.

ويؤكد بحر أن حكومة الاحتلال ومستوطنيها يستغلون الحرب المتواصلة على قطاع غزة والصمت العالمي في المضي قدمًا نحو الضم الفعلي للضفة، والسيطرة على الأراضي الفلسطينية، وتهجير المواطنين.

ضم الضفة

وأما المختص في شؤون الاستيطان جمال جمعة فيقول: “رُغم أن حكومة الاحتلال نفذت خلال السنوات الأخيرة الماضية، خطوات متصاعدة باتحاه تكثيف الاستيطان في الضفة، إلا أن هذه القضية شهدت تسارعًا ملحوظًا منذ بدء الحرب على غزة.

ويوضح جمعة في حديث خاص لوكالة “صفا”، أن الاحتلال يهدف من تنفيذ مخططات الاستيطان إلى تهجير الفلسطينيين كما يحدث من محاولات في القطاع، وكذلك حسم قضية الضفة.

ويضيف أن الاحتلال يعمل على محاصرة الضفة بالجدار والمستوطنات والشوارع الالتفافية وتحويلها إلى “كانتونات”، بغية تضييق الحيز الفلسطيني لأقل مساحة ممكنة.

ويشير إلى أن الاحتلال بدأ خلال حرب الإبادة، بإعلان الضفة منطقة عسكرية، كما شرعت جماعات المستوطنين بشكل ممنهج في تنفيذ عملية إخلاء واسعة للتجمعات البدوية، إذ جرى تهجير نحو 64 تجمعًا حتى الآن، فضلًا عن الاستيلاء على مساحات هائلة من الضفة، بفعل عربدة هؤلاء المستوطنين.

وحسب جمعة، فإن المناطق (ج) في الضفة تتعرض لعملية تهجير واستيطان لا يتوقف، وفي حال بقيّ الوضع على هذه الطريقة، فلن يبقى أي تجمع فيها، مما يُسهل عملية ضم هذه المناطق.

خطوات عملية

ويحذر المختص في شؤون الاستيطان من خطورة ما يجرى في الضفة، قائلًا: “نحن مقبلون على وضع خطير جدًا، في ظل تصاعد عنف المستوطنين واعتداءاتهم بالضفة، وربما نصحو على مذابح ومجازر في القرى الفلسطينية”.

ويشير إلى أن هناك سيطرة استيطانية واسعة على المياه، ومنع ممنهج ومتصاعد لوصول المواطنين الفلسطينيين إلى أراضيهم الزراعية بالضفة، فضلًا عن وضع نحو 1200 بوابة وحاجز، وتكثيف إقامة البؤر الاستيطانية الرعوية.

وزادت نسبة البؤر الجديدة بنحو 300% مقارنة بالعامين السابقين، وهي معظمها مزارع رعي تحتل مساحات شاسعة من أراضي الضفة، إذ تبلغ مساحة مراعيها نحو 787 كيلومترًا مربعًا، يقع معظمها في المناطق الوسطى والشرقية من الضفة.

ويؤكد جمعة أن سلطات الاحتلال ومستوطنيها يسعون للسيطرة على الأراضي الفلسطينية، ومنع وصول الفلسطينيين إليها، وبالتالي حصارهم في قراهم، مبينًا أن كل ما يجري على الأرض بالضفة هي خطوات عملية من أجل ضم الضفة.

ويتابع “نحن على مشارف كارثة تتعلق بتجريد الفلسطينيين من كل ممتلكاته وموارده وحصاره، بغية دفعه للتهجير القسري، لذلك لا بد من مواجهتها بكل الطرق”.

ويتساءل جمعة “أين السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير والقوى الوطنية مما يجري في الضفة، وبشأن حماية المواطنين وقضيتهم؟، لا بد من وقفة جدية حقيقية واتخاذ قرارات مصيرية من أجل مواجهة هذا الواقع”.

صفا

زر الذهاب إلى الأعلى