
لا تغيير على بوصلة الهدف
حمادة فراعنة
توهمت أن الوقفة الاحتجاجية في تل أبيب من قبل الجزء المنشق عن الحركة الإسلامية، تستهدف السفارة الأميركية، احتجاجاً على مشاركة واشنطن في دعم المستعمرة الإسرائيلية وإسناد حربها المجنونة المتطرفة الفاشية ضد المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة، وسائر أراضي فلسطين وخاصة مخيمات الضفة الفلسطينية.
لأول نظرة توهمت أن الوقفة الاحتجاجية، وخطاب كمال خطيب نائب رئيس الفريق المنشق عن الحركة الإسلامية، تتم أمام السفارة الأميركية، وفوجئت أنها وقفة احتجاجية أمام السفارة المصرية وأين في تل أبيب؟؟
ذُهلت وإستغربت استهداف سفارة عربية وأين في تل أبيب؟؟ لو كانت في عاصمة عربية، لخطر على بالي أي حجة تستوجب الاحتجاج على السفارة المصرية ولكن في تل أبيب؟؟
أفهم أن يافا تل أبيب وأم الفحم واللد والرملة وعكا وكفر قاسم إلى راهط في الجنوب مدن تم احتلالها وطرد جزء من شعبها، وتم استحضار يهود أجانب ليسكنوا، ويستوطنوا فيها، على أرض غير أرضهم، وعلى حساب شعبها الفلسطيني وأصحابها الأصليين، أفهم ذلك أن فلسطينيي مناطق الاحتلال الأولى عام 1948، لا تزال ثقة قواهم السياسية من الجبهة الديمقراطية إلى الحركة العربية للتغيير إلى التجمع الوطني الديمقراطي إلى الحزب الديمقراطي العربي إلى حركة كرامة ومساواة، إلى أبناء البلد يؤمنون ويُصرون أن البلد لا تزال بلدهم، ويتصرفون على هذا الأساس رغم الإجراءات والقمع والبطش والسلب الإسرائيلي، أفهم ذلك، ولكن لا أفهم أن تحتج حركة سياسية عربية فلسطينية إسلامية على السفارة المصرية في تل أبيب، هذا إذا توفر سبب جوهري للاحتجاج، أما وأن المذابح والجوع والقتل والتدمير يتم على يد جيش المستعمرة، ووزارتها ورئاسة أركانها التي تقود الجرائم ضد الفلسطينيين تقع في تل أبيب، ويصل الغباء السياسي وضيق الأفق لدى كمال خطيب ورئيسه رائد صلاح وأتباعهم ليحتجوا على السفارة المصرية ويهتفوا ضد مصر والأردن والسعودية والإمارات، فهذا ما لا يمكن فهمه واستيعابه لا سياسياً ولا أخلاقياً ولا إسلامياً!!.
عائلات الأسرى الإسرائيليين يحتجون على مواصلة نتنياهو وفريقه الحاكم، الحرب على غزة، فيحتج عائلات الأسرى في تل أبيب ضد وزارة الحرب ورئاسة الأركان، بينما كمال خطيب ورائد صلاح يحتجون في تل ابيب ضد السفارة المصرية؟؟ إجراء وتوجه وخيار معيب وفيه من الخطأ والخطيئة ما يُعيب سلوكهم وخيارهم!!.
القوى السياسية في مناطق 48، بقيادة لجنة المتابعة العليا يضربون عن الطعام لمدة ثلاثة أيام في يافا تل أبيب ضد السفارة الأميركية وضد وزارة الجيش ورئاسة الأركان، تضامناً مع شعبهم الذي يتعرض للقتل والتدمير والاغتيالات المتعمدة بهدف تقليص الوجود البشري الفلسطيني من على أرض فلسطين بالقتل أو بالدفع للتهجير، ويقومون بتظاهرات احتجاجية في العديد من المدن العربية الفلسطينية من مدن الشمال إلى المثلث في منطقة الوسط، وتمتد إلى النقب، مروراً بمدينة يافا حيث شارك في مظاهرتها الاحتجاجية شخصيات إسرائيلية تقدمية ضد الاحتلال، بينما كمال خطيب ورائد صلاح يحتجون ضد السفارة المصرية ويهتفون ضد الأردن والسعودية والإمارات، فعلاً توجه عجيب في خلط الأرواق، وتغيير بوصلة العمل والهدف، بدلاً من توجيه الرفض والاحتجاج والتنديد وفضح سلوك المستعمرة الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني يتم تغيير بوصلة الاحتجاج نحو الأطراف العربية، قرار غير مفهوم، غير مقبول، فيه من الغباء السياسي الذي يزيد عن حدود العقل، والفهم والقبول!!