
نتائج ومخرجات قمة ألاسكا بين ترمب ـــ بوتين
المحامي الدولي فيصل الخزاعي الفريحات
الزعيمان ترمب وبوتين كانا قد إتفقوا في قمتهم على عدم التصريح عن تفاصيل لسببين، الأول : هو حمايته من التأويلات والتخريب.
والثاني : الإيحاء للأوروبيين بأنهما لن يتفقا من دون مباركتهما، فبعدم التصريح كأنما يقول ترمب للأوروبيين لا إتفاق من دونكم، ونحن لم نصل إلى إتفاق شامل ونهائي، كما كانت توصية الرئيس بوتين لترمب بأن لا يسمح للأوروبيين بتخريب الإتفاق هو بيت القصيد : تم الأتفاق، والمهم الآن هو تسويقه، ويبقى من المؤكد بأن ترمب سيذهب للأوروبيين والأوكرانيين، طبعا كمراسل لتسويق الصفقة، أما بوتين فسينتظر ما يتمخض عن جهود المراسل والبائع لما تم الأتفاق عليه ومما إتفقا على تبادله سيقبل به الأوروبيون، وكان طلب ترمب كبائع للصفقة من بوتين تنازلات يقدمها للأوروبيين كي يقبلوا الصفقة، التنازلات الروسية لن تشمل إقليم الدونباس ولوغانسك، وقد تتناول مناطق بخاركيف وسومي، لكنها حتماً لن تتنازل عن شبه جزيرة القرم ألتى إحتلتها عام 2014، وأن قمة بين الرئيسين الأميركي دونالد ترمب والروسي فلاديمير بوتين كانت قد أستغرقت ثلاث ساعات، وهذه الساعات الثلاث سبقتها ساعات طوال من اللقاءات المعلنة مثل تلك بين المبعوث الرئاسي الخاص ستيف ويتكوف وبوتين قبل أيام، ألتي عقدت بموسكو واستغرقت ساعات وأياماً، وكانت هناك لقاءات غير معلنة بين الطرفين في عواصم مختلفة، وعلى غير عادته الثرثارة، لم يفصح ترمب بكثير بالتصريح الصحافي الذي أعقب القمة، كان تصريحاً مقتضباً أهم ما ذكره فيه أنهم أنجزوا كثيراً لكنهم لم يصلوا بالأمور إلى نهايتها، وفي هذا تطمين للأوروبيين الذين أغضبتهم القمة ألتي استثنتهم، فمجرد اللقاء بين الرئيسين يعد نصراً لبوتين وعزلاً للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وشقاً لصف ” الناتو ” بالأستفراد بأكبر أعضائه، وانا أتحدث هنا عن الولايات المتحدة الأميركية، والرئيس الروس، كما الأوكراني سيكونان كبالع الموسى بالتنازلات : لماذا كل هذه الدماء والتضحيات إن كان أحدهما سيتنازل عما حارب من أجله، مهمة بوتين ستكون أسهل من مهمة زيلينسكي الذي حارب من أجل تحرير كل ” شبر ” من أرض بلاده، فكيف له أن يقبل التنازل عن أقاليم شاسعة وتحوي ثروات هائلة بعد كل التضحيات والحروب والنزوح واللجوء والمآسي …؟ تحتل روسيا اليوم ما يقارب خمس مساحة أوكرانيا البالغة 800 ألف كيلومتر مربع، والتنازل عن بعضها مقابل تعهدات شكلية بحماية الروس فيها وحوافز إقتصادية هائلة ورفع العقوبات ألتى أثقلت كاهل الأقتصاد الروسي، وضمان عدم دخول أوكرانيا حلف الناتو، هي أثمان يمكن تسويقها من قبل الكرملين ويمكن للشعب الروسي تقبلها، ويمكن للأوروبيين رفض الصفقة، الطبخة ألتي تطبخ على نار هادئة باردة في ولاية ألاسكا الباردة، ويكون هذا الرفض بتشجيع أوكرانيا على القيام بعملية نوعية ضخمة قد تطاول أماكن بعيدة داخل روسيا وموسكو والمدن الكبرى، شبيهة بعملية ” شبكة العنكبوت ” ألتى ضربت القاذفات الإستراتيجية الروسية في أيار الماضي وألتى كبدت روسيا خسائر بالمليارات وسببت لها هزيمة نفسية محرجة، مثل هذه العملية يمكن أن تسبب حرجاً وغضباً لدى الكرملين يعرقل الصفقة ويؤدي لتعثرها، لكن الأوروبيين ليسوا في وارد الرفض القاطع، فمواقفهم ليست على درجة الصلابة نفسها تجاه روسيا، وأوضاعهم الإقتصادية متفاوتة، وكل منهم سيفكر بما يمكن أن يحصل عليه من ترمب اقتصادياً في حال موافقته على الصفقة وتقبله للطبخة، سيقرأ بعض الأوروبيين الصفقة وباله يحسب أرقام التعريفة الجمركية الأميركية على صادرات بلاده، وبذا سيبقى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي معزولاً مع تراجع شعبيته وتزايد النقمة الشعبية على فساد إدارته وإثراء حكوماته غير المشروع من صفقات السلاح والمساعدات الهائلة ألتي أنهالت على أوكرانيا من أميركا وأوروبا واليابان وكوريا الجنوبية، ويبقى وحده ترمب يتطلع إلى نجاح الصفقة، ونضوج الطبخة ألتى سيضيف لها بهاراته النرجسية المعتادة حول قدراته ” الخارقة ” على إتمام الصفقات، وصنع السلام، وأهليته للحصول على جائزة نوبل للسلام ألتي يطمح لها، فهل تنضج الطبخة في ألاسكا …؟ أم أن رياح الخريف القطبية الباردة ألتى ستهب على الولاية بعد أسابيع ستطفئ نارها وتفسد الطبخة على طهاتها …؟، كما قلنا من قبل فإن الأوروبيون ليسوا في وارد الرفض القاطع، فمواقفهم ليست على درجة الصلابة نفسها تجاه روسيا، وأوضاعهم الإقتصادية متفاوتة، وكل منهم سيفكر بما يمكن أن يحصل عليه من ترمب إقتصادياً في حال موافقته على الصفقة وتقبله الطبخة، لذا سيقرأ بعض الأوروبيين الصفقة وباله يحسب أرقام التعريفة الجمركية الأميركية على صادرات بلاده، وسيكون الرفض بتشجيع أوكرانيا على القيام بعملية نوعية ضخمة قد تطال أماكن بعيدة داخل روسيا وموسكو والمدن الكبرى، وكان قد أتفقا قبل أن يجتمعا، فلم يجتمع الرئيسان قبل رسم إتفاق مبدئي على نهاية الحرب الروسية ـــ الأوكرانية.