أقلام حرة

تحولات أوروبية على الطريق

حمادة فراعنة

أجادت رئيسة وزراء الدنمارك ميته فريدريكسن، التي ستتسلم بلادها رئاسة المجموعة الأوروبية، 27 دولة، أجادت في وصف شخصية رئيس حكومة المستعمرة، نتنياهو على أنه: «يُمثل مشكلة في حد ذاته»، وأن حكومته «تجاوزت الحدود».
نتنياهو المطلوب لمحكمتي العدل الدولية والجنائية الدولية، يستهتر بكل القيم والقرارات والقوانين الدولية، ولا يراعي مضمونا و شكلا احترام حقوق الإنسان، وجرائم القتل التي ينفذها جيش المستعمرة تتم بإرادته وتعليماته مع شركائه في الاتئلاف، بن غفير وزير الأمن، وسموترتش وزير دفاع مشارك في إدارة الجيش، وإسرائيل كاتس وزير الجيش.
الجرائم والقتل والتدمير المتواصل لأهالي قطاع غزة يفوق التقدير والخيال والقدرة على التصور ما يُصيب أهالي غزة من قتل وتجويع وعطش متعمد، وحرمانهم من أدنى مقومات الحياة، بهدف واضح هو التقليل من أعداد أهالي وسكان وشعب غزة، فالعنصر البشري الإنساني العربي الفلسطيني هو المستهدف من عمليات القتل الممنهج المتعمد من قبل قوات الاحتلال، بعد فشلهم الاستراتيجي بطرد وتشريد كامل الشعب الفلسطيني عن ارضه، حيث لا يزال أكثر من سبعة ملايين عربي فلسطيني متشبثين في وطنهم الذي لا وطن لهم غيره.
احتجاجات العالم تتسع، تتواصل، ولكنها لم تصل إلى مستوى الضغط المطلوب لوقف جرائم المستعمرة بحق الفلسطينيين.
رئيسة وزراء الدنمارك كشفت عن رغبة بلادها لاتخاذ إجراءات عقابية ضد المستعمرة على خلفية الجرائم التي تقترفها بحق الفلسطينيين، ولكن توجهات الدنمارك تصطدم بمواقف بعض البلدان الأوروبية التي لا تزال رافضة أو مترددة في اتخاذ إجراءات عقابية ملموسة ضد المستعمرة، حيث تستوجب قوانين الاتحاد الأوروبي، أن تتخذ القرارات بالإجماع، وهو ما لا يتوفر إلى الآن ووصفت ذلك بقولها: «إن بلادها من الدول الراغبة في زيادة الضغط على إسرائيل، لكننا لم نحصل بعد على دعم من أعضاء الاتحاد الأوروبي».
تطرف نتنياهو وجموحه ومواصلة جرائمه ضد الشعب الفلسطيني مدفوعة بثلاثة عوامل لازمة:
أولاً دوافعه الشخصية حتى لا يتعرض للمحاكمة على خلفية «التقصير»، والفشل في مواجهة مبادرة 7 أكتوبر وتداعياتها، وتهربه من تشكيل لجنة تحقيق، وفق قرار المحكمة التي أصدرت قراراً في شهر نيسان الماضي بضرورة تشكيل لجنة تحقيق لدراسة موقف الحكومة في معالجتها لما حصل يوم 7 أكتوبر وتداعياتها في الفشل والإخفاق.
ثانياً دوافعه للحفاظ على الائتلاف الحكومي، المكون من تحالف الأحزاب السياسية اليمينية المتطرفة مع الأحزاب الدينية اليهودية المتشددة، المتمسكة بمسألتي: 1- القدس الموحدة عاصمة للمستعمرة الإسرائيلية، 2- أن الضفة الفلسطينية هي يهودا والسامرة أي تشكل جزءا من خارطة المستعمرة الإسرائيلية، لا تقبل المساومة عليها، أو التنازل عنها، أو الانسحاب منها.
ثالثاً يُعبر عن موقف أيديولوجي يميني متطرف يعكس رغبته وقناعاته الاستعمارية التوسعية بالضم والاستيطان والتوسع.
التطرف الاستعماري التوسعي الإسرائيلي هو أهم عناوين السقوط والكشف والتعرية، المرافق للجرائم البشعة التي تُمارس ضد الشعب الفلسطيني، وهي التي تفعل فعلها في الانفلات التدريجي لدى الشعوب الأوروبية عن المستعمرة، والانكفاء عنها، والتراجع عن دعمها، ولكن هذه التوجهات الأوروبية الأولية المستجدة تحتاج لوقت حتى تفرض نفسها على الحكومات الأوروبية، أسوة بما حصل مع الدنمارك بفوز الحزب الاشتراكي الديمقراطي بالأغلبية البرلمانية التي توجت ميته فريدريكسن رئيسة للحكومة.

زر الذهاب إلى الأعلى