
حديقة وسط حريقة …وطن يُزهر رغم التحديات
سلمان الحنيفات
يبرز كواحة من الاستقرار والاعتدال، في قلب منطقة ملتهبة بالصراعات والتوترات وكأنه حديقة وسط حريقة،هذا التعبير ليس مجرد وصف بلاغي، بل هو انعكاس دقيق لموقعه الجغرافي والسياسي، حيث تحيط به أزمات متلاحقة من كل جانب، ومع ذلك يواصل الحفاظ على توازنه الداخلي وسياسته الحكيمة، وبالرغم من المحيط المشتعل سوريا شمالاً حرب أهلية دامت سنوات، خلفت دماراً هائلاً وموجات لجوء ضخمة ،العراق شرقا صراعات طائفية، إرهاب، وتحديات أمنية مستمرة فلسطين غربا: قضية لم تحل منذ عقود، وتوترات وتهديدات مسترة ومتكررة مع الاحتلال الإسرائيلي، بسبب موقف الاردن الثابت اتجاه القضية الفلسطينية والوصاية الهاشمية على المقدسات .
وسط هذا المشهد، يبدو وكأنه يقف على حافة بركان، لكنه ينجح في تفادي الانفجار بفضل سياسته الحكيمة في التوازن والاعتدال، كما أن قيادته تتبنى نهجًا عقلانيًا، يوازن بين المصالح الوطنية والالتزامات الإنسانية، خصوصًا في ملف اللاجئين، حيث استقبل الأردن ملايين اللاجئين من دول الجوار، رغم محدودية موارده.
ما يتميز به ايضاً هو سياسة خارجية متزنة، تقوم على الحوار، احترام السيادة، والانفتاح على الجميع، لم ينخرط في صراعات إقليمية، بل لعب دور الوسيط في العديد منها، محافظًا على علاقات جيدة مع مختلف الأطراف.
بالرغم من الضغوط الاقتصادية، وارتفاع معدلات البطالة، والتحديات الاجتماعية، يظل المجتمع متماسكا، مدفوعا بروح وطنية عالية، وثقة في مؤسساته التعليم، الأمن، والرعاية الصحية، وإن كانت تواجه صعوبات، إلا أنها ما زالت تقدم نموذجا عالمياً في المنطقة.
بقيادة هاشمية حكيمة، وبشعب واعٍ ومؤمن برسالته، يقدم الأردن نموذجا فريدا في التوازن السياسي، والانفتاح الدبلوماسي، والاحتضان الإنساني، وفي وقت تتكسر فيه الدول تحت وطأة الانقسامات، يثبت الأردن أن الصمود ليس مجرد شعار، بل إرادة متجذرة في الأرض، وولاء لا يتزعزع، ورؤية تبني المستقبل رغم التحديات.
الأردن اليوم لا ينجو من الحريق فحسب، بل يزهر فيه فهو الحديقة التي تنبت الأمل وسط الرماد، والوطن الذي يعلم العالم الكرامة لا تُشترى، بل تُصان.
الأردن هو بالفعل حديقة وسط حريقة، ليس لأنه بمنأى عن النيران، بل لأنه يزرع الأمل وسط الرماد، ويقدم درسا في الحكمة والصبر والإنسانية وبينما تشتعل المنطقة، يظل الأردن رمزا للاستقرار، ومرآة تعكس إمكانية السلام وسط العواصف.