أقلام حرة

التحول التدريجي الأوروبي

حمادة فراعنة

لم يعد التوجه الأوروبي الواضح الحازم، والتحولات الجارية ضد سلوك المستعمرة الإسرائيلية وهمجيتها وجرائمها، مقتصرة على رئيسة وزراء الدنمارك متيه فريدريكسن، وكشفها عن رغبة بلادها اتخاذ إجراءات عقابية ضد المستعمرة، على خلفية ما تفعله وتقارفه من جرائم ضد المدنيين الفلسطينيين من الأطفال والنساء، بالقصف والتجويع والعطش المتعمد المفضي إلى الموت المقصود.
ها هو وزير خارجية هولندا كاسبار فيلدكام أقدم على تقديم استقالته من الحكومة، لأن حكومته لم تتجاوب مع مطالبه لفرض إجراءات وسياسات عقابية ضد المستعمرة وقياداتها، واتهم حكومته أنها لا تؤيد اتخاذ: «إجراءات إضافية ذات أهمية» ضد المستعمرة بسبب: 1- حربها الدموية البشعة على قطاع غزة، 2- وخططها الاستيطانية الاستعمارية في الضفة الفلسطينية، ولذلك قدم استقالته احتجاجاً لأن مجلس الوزراء لم يتجاوب مع اقتراحاته، وكانت الحكومة الهولندية قد اتخذت قرارا في شهر تموز يوليو باعتبار الوزيرين ايتمار بن غفير وبيتسلئيل سموترتش غير مرغوب فيهما في هولندا، وأراد ان يضيف المزيد من الإجراءات ضد حكومة نتنياهو ولم يتمكن من ذلك، فآثر الاستقالة.
الممثل العالمي خافيير بارديم الإسباني الحاصل على جائزة الأوسكار أعلن تضامنه مع الشعب الفلسطيني ووصف سلوك قوات المستعمرة في رسالة علنية له: «إن القوات الإسرائيلية هم ((نازيون))» وقال: «هل تتذكرون شخصية أمون غوت في فيلم قائمة شندلر، الضابط السادي في قوات الأمن الخاصة (.s.s) ، وهو يطلق النار على السجناء من شرفته لمجرد التسلية، إنه يمثل تفاهة الشر والقسوة التي تمارس دون أي عقاب، وهو نفس سلوك الإرهاب الإسرائيلي واللاإنسانية الذي يطبقونه اليوم ضد الشعب الفلسطيني».
وفي هليسينكي استدعت وزارة الخارجية الفنلندية سفير المستعمرة الإسرائيلية للتعبير عن قلقها البالغ إزاء موافقة اللجنة العليا للتخطيط الإسرائيلية على خطط بناء مستوطنات في المنطقة E1 شرقي القدس وخطط الاستيلاء على غزة واحتلالها.
كما فعلت وزارة الخارجية البريطانية مع سفير المستعمرة لديها، احتجاجاً على خطة الاستيطان، التي تضرب فرصة تجسيد الدولة الفلسطينية على الأرض، وتقوض وحدتها الجغرافية والسكانية وتكرس الانقسام بين الضفة والقدس والقطاع، وتحولها إلى مناطق معزولة عن بعضها البعض.
هذا التحول التدريجي الأوروبي يعود لعدة أسباب:
أولاً سياسات المستعمرة التهويدية الاستعمارية المتطرفة المعادية لحقوق الإنسان، وهي تكشف حقيقتها العنصرية.
ثانياً معاناة الشعب الفلسطيني وعذاباته على يد قوات الاحتلال وتمنع حقه في تقرير المصير والاستقلال.
ثالثاً تمنح أوروبا فرصتها التحرر من عقدة العداء للسامية التي سببها اضطهاد اليهود على يد القيصرية الروسية والنازية الألمانية والفاشية الإيطالية.
مسار السياسة والحياة يسير لصالح الشعب الفلسطيني الذي يدفع ثمن حريته واستقلاله وهو ثمن باهظ ولكنه لا يملك خياراً آخر سوى مواصلة النضال وتقديم التضحيات ثمناً لاستعادة حريته واستقلاله وعودته وكرامته.

زر الذهاب إلى الأعلى