خبير آثار: موقع عين غزال الأثري استُوطن لمدة تقارب 2500 سنة
الشاهين الإخباري
قال خبير الآثار وعضو مجلس أمناء مُتحف الأردن، وأحد مدراء مشروع حفريات عين غزال الدكتور زيدان كفافي، إن احتفاء محرك البحث العالمي “غوغل” بمرور 40 عاماً على اكتشاف تماثيل عين غزال، جاء من الاهتمام العالمي بهذه التماثيل.
وأكد كفافي اليوم السبت، ضرورة تسليط الضوء على المكان الذي اكتشفت فيه التماثيل، وتهيئته للأغراض السياحية، عبر إنشاء متحف، وعمل متنزه وغيرها من المحفزات السياحية.
وأضاف أن الموقع اكتشف أثناء توسعة الجرافات الطريق عام 1979، فيما بدأت الحفريات الأثرية فيه عن طريق بعثة أثرية أردنية – أميركية مشتركة من دائرة الآثار العامة، وجامعة اليرموك والمركز الأميركي للأبحاث الشرقية بعمان، وجامعة سان دييغو ومركز التصحر في جامعة أريزونا ابتداء من عام 1982.
وأشار إلى أن عمليات التنقيب استمرت 20 موسماً، كان آخر موسمين في أعوام 2011 و2012، إذ كشفت عن أن الموقع استُوطن لمدة تقارب 2500 سنة دون انقطاع في الفترة ما بين 7250 – 5000قبل الميلاد، وأنه بلغ أكبر مساحة له في الفترة بين 6500 -6000 قبل الميلاد تقريباً.
ولفت إلى أنه “إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن الموقع يعدُّ الآن جزءاً من العاصمة عمّان، وعمره الذي يقارب عشرة آلاف عام، وبدأ السكن فيه في العصر الحجري الحديث قبل الفخاري “ب”، فإنه يحق لنا الزعم بأن منطقة سيل عمّان شهدت بزوغ أقدم عاصمة في العالم”.
وبيّن أنه اكتشاف تماثيل عين غزال البالغ عددها 32 تمثالاً، وتمثالاً نصفياً، ورأسَ تمثال؛ على دفعتين الأولى عام 1983 ، والثانية عام 1985، تم إرسالهما إلى المتحف البريطاني في لندن ومتحف سمثسونيان في واشنطن، على التوالي، للترميم بناء على اتفاقيات وقعت مع دائرة الآثار العامة الأردنية لهذا الغرض.
واعتبر أن هذه التماثيل متميزة وفريدة من نوعها في العالم بسبب طريقة صناعتها المتشكلة بعمل هيكل بشري من أعواد القصب ومن ثم طليها بطبقة من الجص، لافتاً إلى أن المهم جداً في تصنيعها هو معرفة عمل الجص وتصنيعه، إضافة إلى أن دقة التصنيع تنعكس في تشكيل عناصر الوجه كالأعين والأنف والفم، وإضافة الكحل من مادة القار لعمل بؤبؤ العين. ويبلغ ارتفاع التمثال الكامل بحسب الدكتور كفافي، سواء ذكوري أو أنثوي قرابة متر، والنصفي نحو 40 سنتيمتراً.
وأضاف “يظهر أن عقائد سكان الموقع قد تطورت في الفترة بين حوالي 6500 – 6000 قبل الميلاد، مما اضطرهم لهجر هذه التماثيل، فقرروا دفنها، في ساحة أحد البيوت، عوضاً عن إهمالها، مما أكد لنا أن لها صفة دينية، وبناء عليه بنى سكان عين غزال في هذه المرحلة مباني لها صفة عقائدية، أي أن الناس أصبحوا يقيمون طقوساً دينية داخل مبان عوضاً عن التعبد أمام تمثال”
وقال إن هذه التماثيل تعرض حالياً في عدد من المتاحف المحلية: متحف الأردن، المتحف الوطني للآثار فيجبل القلعة، ومتحف التراث الأردني بجامعة اليرموك؛ والإقليمية في متحف اللوفر بأبي ظبي، والعالمية في متحف اللوفر بباريس، والمتحف البريطاني في لندن.
وأكد أن القطع الفنية المكتشفة في موقع عين غزال لها دلالات مهمة على وجود مدرسة فنية فيه خلال العصر الحجري الحديث، والتي تعكس التقدم الفكري والذهني لدى سكان المنطقة، إضافة إلى أن الموقع لعب دوراً هاماً في التقدم الحضاري في المناطق المحيطة به.
واستمد موقع عين غزال اسمه من نبع ماء كان يسقي سكان عمان لفترة من الوقت، وهو موقع يتمركز على ضفتي سيل الزرقاء، ويبدو أن المنطقة كانت وفيرة الغزلان؛ حيث عثر المنقبون عن الآثار في إحدى الغرف المكتشفة في عين غزال على 13 قرن غزال.
ودعا إلى الاهتمام بالموقع كجزء من التراث الأردني الذي ذاع صيته في العالم، والمحافظة من حيث تهيئة قاعات العرض المناسبة له، ووضعه على الخارطة السياحية لمدينة عمّان، كما أنه واحد من آلاف المواقع الأثرية في الأردن.
وطالب كفافي بدعم دائرة الآثار العامة الأردنية بالتعاون مع القطاع الخاص لتهيئة الموقع لأغراض سياحية.
من جهتها، أصدرت دائرة الآثار العام بيانها قالت فيه ” تحتفل شركة غوغل اليوم السبت، بتماثيل عين غزال، التي تعود للعصر الحجري الحديث ، نظرا لكونها أحد أقدم التماثيل للشكل البشري، وهي التماثيل المكتشفة في الأردن عام 1983، وتأتي احتفالات غوغل من خلال شعار مبتكر ( Google Doodle ) جديد يظهر على صفحتها الرئيسية للبحث”.
واضافت أن التماثيل ” هي مجموعة من التماثيل الأثرية المصنوعة من الجص المكتشفة في الأردن والتي تعود إلى آلاف السنين، اكتشف علماء الآثار أول مخبأ للتماثيل تحت الأرض عام 1983 ومجموعة ثانية من المنحوتات عام 1985 في عين غزال، وهو موقع من العصر الحجري الحديث في الأردن”.
وتابعت ان التماثيل تصور شخصيات عين غزال الرجال والنساء والأطفال بملامح بشرية معقدة مثل العيون اللوزية والأنوف البارزة والأرجل وأصابع القدمين والأظافر الواقعية.
و اكتسبت التماثيل شهرة عالمية، ويمكن رؤية هذه التماثيل الجصية في صالات العرض مثل متحف الأردن في عمان، ومتحف الآثار الأردني، والمتحف البريطاني، ومتحف اللوفر أبوظبي” .
ويزخر الأردن بثروة غنية من الآثار والمواقع الأثرية التي تشهد على تاريخه العريق ويضفي عليه صفات فريدة تجعله بمثابة متحف مفتوح للعالم أجمع.