الاقتصاد والاعمالدولي

الاتحاد الأوروبي يراهن على حجمه لوقف تراجعه الاقتصادي

الشاهين الإخباري

يسّجل الاتحاد الأوروبي تراجعا على الصعيد الاقتصادي بمواجهة الصين والولايات المتحدة، لكن بإمكانه تحقيق انتعاش إذا استغل بصورة أفضل حجم سوقه الذي يعدّ 450 مليون نسمة، وهو موضوع سيهيمن على قمة يعقدها قادة التكتل الخميس في بروكسل.

وإن كانت السوق الموحدة التي نشأت قبل أكثر من ثلاثين عاما ساهمت في ظهور عمالقة أوروبيين في الكيمياء وصناعة الطائرات والسيارات، إلا أن قطاعات أساسية مثل المالية والاتصالات والطاقة والدفاع تعاني من التجزئة نتيجة تنظيمات وطنية متضاربة، ما يحدّ من القدرة التنافسيّة.

وقال رئيس الوزراء الإيطالي السابق إنريكو ليتا الذي وضع تقريرا حول مستقبل السوق الداخلية يناقشه رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأوروبي الخميس خلال قمتهم في بروكسل “ليس لدينا وقت نهدره لأن الهوة تتزايد بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة”.

وأضاف “المسألة الجوهرية تكمن في تفادي التجزئة، ثمة عقبات قائمة منذ سنوات مديدة. يجب دفع (هذه المسالة) اليوم لأن تراجع النمو قائم”.

ويتراجع الاتحاد الأوروبي في السباق العالمي للابتكار في شتى المجالات، من البطاريات إلى الذكاء الاصطناعي مرورا بالالواح الشمسية والرقائق الإلكترونية.

فالصناعة الأوروبية تخسر أسواقا على وقع ارتفاع أسعار الطاقة منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، وتعاني منافسة دول تستفيد من دعم حكومي مكثف وتنظيمات متساهلة.

ويسجّل الاتحاد الأوروبي ركودا منذ أكثر من عام ونصف عام وبلغت أعلى نسبة نمو سجلها خلال العام 2023 0,4%، مقارنة بـ 2,5% في الولايات المتحدة و5,2% في الصين.

ورأى الرئيس السابق للبنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي في كلمة ألقاها الثلاثاء في بلجيكا أن “ما نحتاج إليه هو تغيير جذري” مشيرا إلى “مناطق أخرى لم تعد تلتزم قواعد اللعبة”.

وقال إن “منافسينا الرئيسيين يستغلون كونهم يملكون اقتصادا بحجم قارة. لدينا ميزة الحجم ذاتها في أوروبا، لكن تجزئة السوق تكبحنا”.

ومن المتوقع أن يسلم رئيس الوزراء الإيطالي السابق المطروح لخلافة أورسولا فون دير لايين على رأس المفوضية الأوروبية، تقريرا حول موضوع التنافسية خلال الصيف.

وتعتزم الدول الـ27 تحديد التوجهات الإستراتيجية لولاية المفوضية المقبلة من خمس سنوات التي ستلي الانتخابات المقررة في حزيران/يونيو.

– “كتلة مالية هائلة” –

وقال رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال “هناك كتلة مالية هائلة، مدخرات الأوروبيين، وقسم أساسي من هذه المدخرات يخرج اليوم من الاتحاد الأوروبي ولا تتم تعبئته لدعم الابتكار”.

إلا أن أوروبا تواجه جدارا من الاستثمارات فيما يتحتم عليها توظيف أكثر من 620 مليار يورو من الاستثمارات الإضافية في السنة بحسب المفوضية الأوروبية، لمجرد تحقيق تحولها الرقمي والبيئيّ. وتضاف إلى ذلك زيادة الإنفاق العسكري لدعم أوكرانيا في مواجهة الغزو الروسي، ما يحتم مجهودا إضافيا قدّره البنك المركزي الأوروبي بـ75 مليار يورو في السنة.

واتحاد أسواق الرساميل سيساعدها على تجاوزه هذا “الجدار” من خلال تعبئة الادخار الخاص لصالح الاقتصاد الفعلي.

وستعطي قمة الخميس دفعا سياسيا جديدا لهذا المشروع الذي يحظى بإجماع حول مبدئه، غير أنه لا يزال متعثرا منذ عشر سنوات وسط مناقشات فنية على خلفية مصالح وطنية متضاربة.

وترفض الدول الصغيرة الخضوع لمراقبة مالية أوروبية ولا سيما من قبل فرنسا التي تستضيف في باريس الهيئة المالية للأسواق المالية. كما أن تنسيق الأنظمة الضريبية أو قانون الإفلاس بين مختلف الدول يطرح معضلة مستحيلة حتى الآن.

وقال رئيس وزراء لوكسمبورغ لوك فريدن “علينا تفادي الإسراف في البيروقراطية والإسراف في وضع تنظيمات والإسراف في المركزية، كما توصي به بعض الدول”.

وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون دعا خلال منتدى دافوس في كانون الثاني/يناير إلى حشد أموال عامة من خلال قرض أوروبي مشترك جديد، بعد خطة الإنعاش الاقتصادي التاريخية التي طبقت عام 2020 وبلغت قيمتها 800 مليار يورو.

غير أن هذه الفكرة اصطدمت بتمنّع دول شمال أوروبا المؤيدة لنهج مالي صارم على غرار ألمانيا والسويد وهولندا، والتي ترفض المساهمة مرة جديدة في تمويل حاجات دول الجنوب الأكثر مديونية منها.

وردد وزير المال الألماني كريستيان ليندنر الأسبوع الماضي “ما نحتاج إليه هو دين أوروبي مشترك جديد”، فيما أكد دبلوماسي أوروبي قبل القمة أن “الموضوع غير مطروح”.

أ ف ب

زر الذهاب إلى الأعلى

You cannot copy content of this page