أقلام حرة

هل هي في جيناتنا.. ام اكتسبناها؟!..


محمود الدباس – ابو الليث..

لقد حبانا الله بان التحقنا بركب وسائل التواصل الاجتماعية وتطبيقاتها.. واتساع رقعة التواصل والمعارف.. بعد ان كنا مرتهنين على التواصل المحدود في الجمعات واللقاءات الخاصة او العامة شبه المحدودة..

فكانت النقاشات والطروحات الوجاهية وما يكتنفها من شد ورخي وتجاذبات في عدة اتجاهات.. هي الطريقة الوحيدة لطرح الاراء..
وما يميز تلك الحوارات ان العين بالعين تكشف الكثير مما يخفيه الواحد عن الأخر.. فالايماءات والايحاءات والاشارات والحركات وحتى تصبب العرق كلها كاشفة لما يريد البوح به الواحد ويتحرج احيانا منه..
فيستطيع كل من هو موجود ان يحكم على مجريات الحوار وتصل الرسائل والآراء بشكل مباشر.. حتى وان حاول احدنا المراوغة..

ولا ننكر بان هناك من يمتلك تلك المَلَكة في ربط الامور.. فيستطيع ان يسير الامور في اتجاه يجعل الاخرين مجبرين على البوح بما عندهم وما يخفونه بشكل لا يقبل التأويل..

لكل منا عقله ورأيه في الامور التي تستجد.. ويستطيع تكوين تلك الصورة وذلك الرأي من خلال تجاربه وخبراته ومطالعاته.. وتختلف نسبتها وعمقها من شخص لآخر..
ولا يتردد بطرحها على من هم حوله.. وقد تجد القبول او الرفض..

وديدن العقلاء والحكماء واهل العلم بأن يأخذوا الامر بكل تجرد ومنطق.. ويتحاورون بأعلى مستويات الكياسة والموضوعية والمهنية حسب طبيعة الأمر المطروح..
ويتم نقاشه من خلال المرتكزات والاسس التي يتبناها كل واحد.. ولا يعيب الانسان الواعي وراجح العقل من ان يتقبل اي نقد او رأي معارض مالم يتعارض مع العقائد او المبادئ والقيم السوية القويمة.. لا بل ونرفع له القبعة اذا ما اعترف بان رأيه كان غير دقيق وتراجع عنه لحساب الرأي الأصح..

والمشكلة التي يراها ويعايشها غالبيتنا في الحوارات.. هي التصلب والتعنت في الرأي.. وعدم اعطاء ولو نسبة ضئيلة بأن رأيه قد يشوبه شائبة.. او ان غيره قد يكون ولو بنسبة بسيطة رأيه صواب..
فهلّا اخذت لحظة تفكير برأي غيرك.. ولعلك تجده صائبا.. او يريد لك الخير؟!..

ومشكلة المشاكل.. لا تكمن في التعنت فحسب.. وانما بالمكابرة والزيادة في التوغل على ما هو عليه.. ومحاولة اثبات صحة ما هو عليه.. بتكرار افعاله او اقواله بشكل امر وادهى.. ولا يعلم بانه يصبح اكثر انكشافا وعمق انحدارا..

ونستطيع ان نلمس ونشاهد ذلك في الكثير من التصرفات والسياسات والحوارات في كافة مناحي حياتنا..
فعندما توضح لاحدهم ان ما يقوم به هو بداية الانحدار او فقدان البوصلة.. لا يكتفي بالابتعاد عنك.. واصلاح الامر بمنئ عنك حتى “لا يحمل جميلتك” كما يظن.. بل تجده يوغل في تصرفاته.. ويزيد من حدتها وتركيزها.. ليثبت لك بانه على صواب..
وحتى وان وصل بك الحال واضطرك الى ان تضعه في الزاوية الضيقة لاثبات خطئه.. تجده يناصبك العداء والصد والخصام.. بدل ان يشكرك على تقديم النصح له..
وتراه يتشبث بمقولة “الكفر عناد”..

نصيحتي لنفسي ولكم.. بان نحاول اثبات رأينا الذي نقتنع به.. واذا ما وجدنا خطأه.. لا نتردد بالاعتراف.. ونتخلق بخلق “رحم الله مَن اهدى إلي عيوبي”.. فنكبُر في نظر انفسنا.. ونزداد مكانة ورفعة واحتراما في عيون الآخرين..
فالتعنت في الرأي.. ورفض النصح.. وعدم تقبل النقد.. ليس جينا وراثيا.. وانما امر مكتسب..

زر الذهاب إلى الأعلى

You cannot copy content of this page