أقلام حرة

17 الف كلفت الخزينة.. جيشت جميع المعنيين للدفاع عنها.. فكيف إن كانت بالملايين؟!..

محمود الدباس – ابو الليث..

منذ اشهر قليلة كتبت عدة مقالات ومنشورات حول حديث والدي -عليه رحمة الله- عن الفساد في بلاد الواق واق.. وكيف يتم تمرير الفساد بشكل ممنهج.. دون السماح لاحد حتى ان يطرق بابه..

وفي خضم ما نشاهده في ايامنا هذه من محاولات وقرارات حول تحويل بعض الملفات للجهات القانونية لنا يعتريها من شبهات فساد.. اثلجت الصدر لمجرد فتح التحقيق فيها.. فانني استذكر بعض القصص التي تلاها والدي لي حول ما كان يجري في بلاد الواق واق.. واعيد نشرها.. لعل فيها الخير وتصحيح المسار.. او على الاقل أخذ العبرة..

احدى نوادر بلاد الواق واق.. تتلخص في ان رئيس مجلس ادارة الواق واق وهو ما يشبه مجلس الوزراء في ايامنا هذه.. اراد تزبيط احد معاونيه.. فقام برفع راتب احد اقاربه الذي يشغل منصب مديرا لاحدى الدوائر بمباغ يقرب من 1400 وحدة من عملتهم.. وكان تقريبا ضعف مرتبه.. بقرار استثنائي من مجلسه.. وعامله بالسرية لان القرار غير مبرر.. ولا يمت لواقع حال ذلك المدير وعطائه..

وحين انكشف الامر.. وحاول بعض النشطاء اثارته.. تلقفه بعض اعضاء مجلس الشورى.. والذي يشبه مجلس النواب في هذه الايام.. وقرروا ان يبحثوه في جلسة اعتماد مخصصات تلك الادارة.. فما كان من رئيس مجلس الشورى.. إلا ان اغلق باب النقاشات في امر جميع المخصصات.. حتى لا يتمكن احد من فتح موضوع تلك الزيادة..

فقال لي والدي -عليه رحمة الله- يا بني.. عليك ان تعلم بان بلاد الواق واق.. والتي كان الفساد فيها مقونن وممنهج.. تم فيه التغطية على مبلغ 1400 وحدة نقدية من عملتهم.. أي انها ستكلف الخزينة سنويا 17000 فقط لحين انتهاء خدمات ذلك المدير “المدلل”.. وتم تجييش كافة السلطات الرقابية للحيلولة دون حتى مناقشتها.. فكيف سيكون الحال إن كان المبلغ بالملايين؟!..
انتهت قصة والدي -عليه رحمة الله- حول بلاد الواق واق..

وهنا اقول وللعبرة.. اذا كان من بنادي بمحاربة الفساد.. ويحيل ما يحلو له من حالات الفساد الى القضاء.. ويقوم هو ذاته بعملية فساد واضحة للعيان.. ويقوم بالتغطية عليها بكل ما لديه من سلطات ونفوذ.. فكيف لمواطني بلاده ان يثقوا بما يقوم به؟!..

اوليس حقا لهم التساؤل عن حالات الفساد التي احالها.. ويريد كشفها.. وركوب موجة النزاهة من خلالها.. بان هناك امرا فيها لم يروق له.. او لم يكن له ضلع فيه.. او لم تكن على هواه؟!..

وهنا اقول دوما بان الحمد لله اننا لم نعيش في بلاد الواق واق.. وأن لنا جهات رقابية لا تسمح بهكذا افعال.. وأن إعلامنا يتمتع بالصدق والعين الثاقبة والمفتوحة ليكشف حالات الفساد -إن حدثت لا سمح الله-..

وارجو الله ان يحاسب المسؤول نفسه ويعمل جردة حساب لافعاله.. فمن الممكن ان يكون قد عمل عملا فيه فساد مالي او اداري في لحظة غفلة او دون قصد.. فيقوم بتصحيح ما ارتكبت واقترفت يداه من اقرار وتوقيع ومصادقة لهكذا افعال.. فيفيق ضميره من غفلته.. ويصوب فعلته.. فكما يقال “مَن رد.. ما شَرد”.. والرجوع عن الخطأ فضيلة.. وليس فضيحة..

ولنعلم جميعا ان للناس اعين وآذان ترى وتسمع.. وتدقق.. ولن يفلت احد من اي فعل غير قويم.. فإن لم يكن في الدنيا وخزيها.. فالاخرة قريبة جدا.. ولن يضيع الله مثقال ذرة.. وحينها لا ينفع مال ولا بنون.. ولا معارف ولا محاسيب..

زر الذهاب إلى الأعلى

You cannot copy content of this page