عربي

انفجار مرفأ بيروت.. تأخر التحقيقات يفاقم مأساة ذوي الضحايا

الشاهين الاخباري

لا يزال الدمار الذي خلفه انفجار مرفأ بيروت، شاهدا على الكارثة التي حلت بالعاصمة اللبنانية منذ أكثر من ستة أشهر، فيما تتفاقم معاناة أهالي الضحايا، في ظل عدم إنجاز التحقيقات حول أسباب وخلفيات هذا الانفجار.

4 أغسطس/ آب 2020 كان اليوم المشؤوم للعاصمة اللبنانية التي شهدت الانفجار الأضخم في تاريخها، ومنذ ذلك اليوم، لم تجف دمعة أهالي مئتي قتيل، فضلا عن آلاف الجرحى.

الألم والغصة يرافقان أهالي الضحايا في يومياتهم، وبكل تفاصيل حياتهم التي انقلبت رأسا على عقب، وكل ما يطلبونه هو كشف حقيقة التفجير، ومحاسبة المتسببين به، وفق ما تحدثوا به للأناضول.

وبحسب تقديرات رسمية أولية، فإن انفجار المرفأ وقع في عنبر 12، الذي تقول السلطات إنه كان يحوي نحو 2750 طنا من مادة “نترات الأمونيوم” شديدة الانفجار، كانت مصادرة من سفينة ومخزنة منذ عام 2014.

** توقف التحقيق أكثر من شهر ونصف

وقال إبراهيم حطيط، المتحدث باسم أهالي الضحايا، إن “أدنى ما يجب أن يحصل هو معرفة الحقيقة، ولا تبقى الأمور مبهمة كما هي الآن”.

وإبراهيم، هو شقيق أحد الضحايا (ثروت حطيط) الذي كان يعمل مع الدفاع المدني داخل المرفأ، وقضى عندما كان يحاول إطفاء النيران التي اشتعلت قبيل الانفجار.

وأضاف إبراهيم أن “كل ما نطلبه هو إنجاز التحقيقات وكشف الحقيقة، رحمة بدمعة الأيتام وحرقة الأمهات”، لافتا إلى أن “معاناة العائلات الذين فقدوا أحبتهم تزداد وتكبر يوما بعد آخر”.

وعن تأخر إنجاز التحقيقات، أعرب إبراهيم عن “استغراب وتفاجؤ الأهالي من توقف التحقيقات لأكثر من شهر ونصف من دون مبرر”.

من جهتها، اتهمت منظمة “هيومن رايتس ووتش” الحقوقية، في 3 فبراير/ شباط الجاري، السلطات اللبنانية بـ”التقاعس”، قائلة إن “محاولات الزعماء السياسيين لوقف التحقيق تعزز الحاجة إلى إجراء تحقيق دولي مستقل”.

** حرقة في قلوبنا

“أكثر من 6 أشهر من الغصة والألم، ولم نتوصل إلى شيء بعد، الحرقة لا تزال في قلوبنا ودموعنا لم تجف”، هذا ما قالته ثروت نور الدين، شقيقة نقيب في الجيش اللبناني (أيمن نور الدين) قضى جراء الانفجار.

وأضافت للأناضول: “لقد سرقوا منا الضحكة والسند (..) لم يقتلوا أيمن فقط، إنما قتلوا كل أفراد عائلته (معنويا)، اشتقنا إليه ولا نستطيع النوم، أهالي الضحايا تكبر معاناتهم يوميا”.

وأوضحت أن “شقيقها كان في مركز خدمته العسكرية داخل المرفأ، وعندما اندلع الحريق (الذي سبق الانفجار) توجه لمساعدة الدفاع المدني في إطفائه، ووقعت الكارثة”.

وطالبت بـ”تحقيق شفاف لأننا لن نسكت قبل محاسبة المجرمين، ومعرفة من أدخل هذه المواد إلى المرفأ، هذا هو هدفنا ولن تجف لنا دمعة قبل ذلك”.

** الأجهزة الأمنية كانت تعلم

معاناة ثروت، يعيشها أيضاً الشاب ويليام نون، محملاً الدولة مسؤولية الكارثة التي أودت بحياة شقيقه (جو نون) أحد عناصر فوج إطفاء بيروت.

وقال ويليام للأناضول: “تفاجأنا كيف أرسلوا شقيقي وأصدقاءه (رجال إطفاء) لإخماد الحريق، بينما كل الأجهزة الأمنية كانت تعلم أن العنبر 12 يحوي نيترات شديدة الانفجار”.

وأضاف: “معاناتنا كبيرة، لكن هدفنا أن نصل إلى العدالة التي تخفف قليلاً من حرقة الأهل”.

وتحدث ويليام، الذي زار مع وفد أهالي الضحايا أكثر من مرة المحقق العدلي القاضي فادي صوان، عن “عرقلة وضغوط سياسية في هذا الملف”.

كما أشار إلى “تقصير دولي لناحية عدم الإسراع في تسليم صور الأقمار الصناعية إلى القضاء اللبناني، خصوصا أنها تخدم مجرى التحقيقات”.

وفي 10 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، قال مجلس القضاء الأعلى إن المحقق العدلي أرسل طلب تعاون دولي إلى الأمم المتحدة؛ بغية الحصول على أي صُور جوية ملتقطة بواسطة الأقمار الاصطناعية التابعة لأي دولة من الدول المنتمية إليها والعائدة ليوم 4 أغسطس 2020، أو أي معلومة عن تحرك جوي أو بحري حربي رصدته القوات الدولية العاملة في جنوب لبنان “يونيفيل”، بواسطة راداراتها العسكرية.

** 1400 شكوى قضائية

وعبر نقابة المحامين في بيروت، قدمت 1400 شكوى قضائية من قبل أهالي الضحايا والمتضررين جسدياً ومادياً، عبر مكتب الادعاء في النقابة التي تطوعت بهدف حفظ الحقوق الشخصية لهؤلاء.

وقال المحامي شكري حداد، عضو مكتب الادعاء في النقابة، للأناضول، إن “التحقيقات تسير وفق 3 مسارات”.

وشرح: “المسار الأول عن كيفية وصول المواد المتفجرة إلى مرفأ بيروت ومعرفة المالك الحقيقي لها، والثاني متعلق بالأسباب التي أدت إلى بقاء النيترات طوال 7 سنوات في المرفأ، والثالث يدور حول الفعل الذي أدى إلى تفجير هذه المواد”.

ولفت حداد إلى أن “نقابة المحامين تطلب الادعاء على أي شخص أو مسؤول له دور في أي من المسارات الثلاثة”.

وعن تأخر التحقيقات وتعليقها (في 17 ديسمبر الماضي) لمدة أكثر من شهر ونصف، لفت حداد إلى أن ذلك ناتج عن الطلب الذي قُدم ضد المحقق العدلي فادي صوان لنقل القضية إلى قاض آخر، فضلاً عن الظروف الصحية وما رافقها من إقفال تام في البلاد بسبب كورونا.

وفي 10 ديسمبر 2020، وجه المحقق العدلي صوان، تهمة “الإهمال” إلى رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، و3 وزراء سابقين.

لكن عقب أيام من الاتهام، طلب اثنان من الوزراء الثلاثة، وهما غازي زعيتر، وعلي حسن خليل (نائبان بالبرلمان حاليا) من محكمة التمييز الجزائية نقل القضية إلى قاض آخر، بعد اتهامهما لـ”صوان” بخرق الدستور بادعائه عليهما.

وبعد تعليق التحقيقات منذ 17 ديسمبر، ذكرت الوكالة اللبنانية الرسمية في 8 فبراير/ شباط الجاري، أن المحقق العدلي سيستأنف تحقيقاته، وأنه حدد مواعيد لاستجواب عدد من المدعى عليهم والشهود.

زر الذهاب إلى الأعلى

You cannot copy content of this page