أخبار الاردنواحة الثقافة

المسرح الشمالي يتصدر المشهد جمهورا وتفاعلا

ليلة طربية اردنية على المسرح الجنوبي

الشاهين الاخباري – جرش

مجدي التل واحمد الطراونة

في سابقة هي الاولى في العقدين الاخيرين جاوز المسرح الشمالي جمهوره، جمهور المسرح الجنوبي بنحو الضعف ضمن فعاليات مهرجان جرش في دورته الـ35 .
فعلى خشبة المسرح الشمالي الذي غالبا ما يحتضن الفنانين والفرق الفنية المحلية والعربية والعالمية الذين يقدمون محمولات فنية بمضامين ترقى إلى أذواق النخب من الجمهور التواق إلى الاستمتاع بما يرتقى بها إلى فضاءات لا حدود لها من الابداع والتميز، ووسط جمهور جاوز 1500 شخص وضمن شروط البروتوكول الصحي التي سمحت بنصف عدد سعة مدرج المسرح، قدمت فرقة باليه أوبرا القاهرة إستعراضا فنيا نهل من فنون البالية الحديثة الممتزجة بالوان من فنون الرقص التعبيري وبمحاكاة للموسيقا الشرقية تمثل بنحو 11 مشهدا اشتملت على لوحات فنية راقصة كشفت عن الرشاقة والبراعة الفنية التي يتمتع بها اعضاء الفرقة المكونة من نحو 23 شابا وفتاة وعن رؤية اخراجية مميزة للقائمين على الاستعراض.
واستهلت الفرقة مشهدياتها بصعود 15 شابة وفتاة من اعضاء الفرقة بأزيائهم التي تحاكي وتستحضر الحقبة التاريخية الفرعونية في اصطفافات هندسية الشكل وأداء حركي تعبيري يستعيد المراسم الملكية الفرعونية في الوقت الذي تتموضع فيه احدى راقصات الفرقة بعبائتها الصفراء الذهبية في المنتصف ما تلبث ان تقوم بأداء حركي راقص مزج بين فنون الباليه والرقص التعبيري الحديث لتحمل على الاكف عاليا من قبل راقصي الفرقة الذين قدموا جملة من الرقصات والاداء الرفيع لفنون الباليه الممتزجة بالرقص الحديث وبتشكيلات هندسية متسقة ومصاحبة لموسيقا تنسجم مع السياق في لوحة المشهدية الاولى لتعبر عن مكانتها الرفيعة التي ترقى الى الملكات الفرعونيات ذوات الصيت والشهرة التاريخية من امثال نفرتيتي وكليوبترا.
وفي اللوحة الثانية من ذات المشهدية قدمت الفرقة لوحتين متتاليتين باسلوبية الباليه الحديث تميز فيها اعضاء الفرقة من الشباب والفتيات بالبراعة الفنية والليونة الطاغية ورشاقة الحركة وخفتها في النقلات الفنية دون ان يختل التكوين البصري العام للتشكيل والذي حافظ على انضباطه وتزامن الحركة والاداء وتبادلهما فيه.
وفي المشهدية الثانية قدمت شاب وفتاة من اعضاء الفرقة لوحة تقترب من الزمن المعاصرة وبازياء الباليه المعروفة متكئة على توزيع حديث لموسيقا ذات قوالب شرقية مزجت باسلوبية غربية لتتسق مع الحالة رغم تعدد الاصوات والالات الموسيقة التي قادتها آلة العود تكريسا لشرقية الفعل الفني رغم كونه من فنون الباليه.
اما المشهدية الاستعراضية الثالثة التي تقدمتها 6 فتيات راقصات و5 راقصين من الفرقة ليقدموا لوحات فنية راقصة من فنون الباليه بمصاحبة توزيع جديد لموسيقا من كلاسيكيات الموسيقا المصرية ممتزج باسلوبية الموسيقا الغربية كانت الالة القائدة فيه (الكمان) بما يتسق مع اسلوبية فن الباليه وموسيقاه، لتتنوع اللوحات الفنية في هذه المشهدية من أداء ثنائي يضم شابا وفتاة ومن ثم الانتقال السلس الرشيق الى اداء جماعي بشكل ازواج ويعود لاداء ثنائي دون الاخلال بالتكوينات الحركية والبصرية التي تتشكل على الخشبة بدقة واتقان بوصفها نص بصري تعبيري.
ويصعد في المشهدية الخامسة راقصان يحملان العصي وبأزياء من الموروث الشعبي لمناطق الصعيد المصري (الجلباب الواسع) ليتبعهما فتاة برداء احمر تحمل هي الاخرى عصا وليقدموا ثلاثتهم أداء فنيا راقصا ينهل من الفلكلور الشعبي في تلك المناطق ما يلبث ان ينضم اليهم 6 شباب من اعضاء الفرقة بازياهم المتعددة الالوان الحمراء والاخضر، وبأداء حركي راقص ورشيق تتلوهم بسلالسة 7 فتيات بازيائهن السوداء وعلى ايقاع متوسط مرتفع موسيقي غنائي من الموروث الشعبي الصعيدي “متى ازورك وانا قلبي وياك” لتشكل لوحة فنية مكتملة التراكيب والتشكيلات البصرية ببراعة وحرفية عالية المستوى لتتبعها لوحة اخرى من ذات المشهدية تصاحبها الاغنية التراثية “البنت بيضا” تعيد انتاج الموروث بشكل عصري وفق فهم وادراك حديثين لمتطلبات ذلك.
اما المشهدية السادسة التي يدخل فيها من عمق الكواليس الى الخشبة 6 شباب بازياء البحر التي تستحضر الاسكندرية وبور سعيد، وفي أداء حركي متسق يتشكل بعد انضمام 6 فتيات من الفرقة بازيائهن زاهية الالوان اليهم لتقدم المجموعة وبمصاحبة موسيقا شرقية، لوحات من موروث الفنون الراقصة للمدن الساحلية المصرية، فيما تأتي المشهدية السابعة بحضور 6 فتيات من راقصات الفرقة بازيائهن الخضراء والحمراء الموشحة باللون الاصفر الذهبي مستحضرا التاريخ ليعدن في لوحات فنية راقصة استحضار الموروث الشعبي المصري الذي يسترجعن فيه من خلالها الفنون في الحقب العربية الاسلامية في اجمل تجلياته على وقع اغنية الموشح الاندلسي “عجبا لغزال عجبا” الذي كتبه في منتصف القرن الماضي الشاعر والموسيقي والمطرب المصري فؤاد عبدالمجيد معيدا انتاج الموشح قرون من الزمان.
اما المشهدية الثامنة التي يستهلها دخول 6 راقصين بطرابيشهم الحمراء القصيرة وازيائهم المميزة ذات اللونين الاحمر والاسود ترافقهم راقصة بزيها الذي تراكبت على قطعه الوان الزهر والاخضر والاصفر مستحضرين المناطق الغربية من مصر ليقدموا اداء راقصا تعبيريا بمصاحبة موسيقا ذات ايقاع سريع ومرتفع على وقع اغنية “عشقنا عيونك وعيونك جارحة وقتالة”.
اما المشهدية التاسعة التي تستهل بدخول 5 فتيات بازيائهن الزرقاء والذهبية العصرية على وقع اغنية الفنانة العالمية داليدا “سلمى يا سلامة” يحلقن برشاقة الاداء كالفراشات ليصاحبهن شاب بسراوله الاسود وقميصه الازرق في اداء حركيراقص يمزج بين فنون الباليه وفنون الرقص الحديث، وتأتي المشهدية العاشرة على وقع تقاسيم منفردة لالة العود ما تلبث ان تتلوها تقاسيم منفردة لالة القانون لتعلن عن دخول فتاة بزيها الشعبي المصري بالوانه الاحمر الفاتح والاحمر القاني المتشح بالمذهبات لتؤدي لوحات راقصة من فنون الرقص الشرقي تشاركها لاحقا خمس فتيات تتلوهن اربع فتيات اخريات بالزي الشعبي المصري الذي اتخذ اللون البنفسجي عنوانا له وعلى وقع اغنية من الموروث الشعبي المصري “حلاوة شمسنا وخفة ظلنا” تقدم المجموعة لوحات فنية راقصة في اسلوبية التبدال بين مجموعتي الفتيات بوصفه حوارا فنيا تعبيريا راقصا.
وتختتم الفرقة استعراضها المميز وسط تفاعل كبير من الجمهور الكبير بالمشهديتين العاشرة والحادية عشرة، بحيث الاولى تستحضر فيها مناطق النوبة بازيائها البيضاء للرجال والحمراء للنساء وفنون غنائها وتشكيلاتها الحركية الراقصة، فيما المشهدية الاخيرة تستهل على وقع الحان الناي الشجية وموسيقاه الشرقية التي تبحر في المناجاة لتقدم الفرقة لوحات فنية من الاداء الراقص التعبيري مزج بين الصوفية للرجال وجلسات “الزار” التي تشارك فيها النساء، ليودعها الجمهور العريض الذي كان ينتظر الحفلة الثانية على الشمالي بدخول الفنان الاردني عيسى الصقار، بترديد عبارات “بص شوف المصري بيعمل إيه” وسط أعجابه شديد بما قدمت الفرقة من الوان الفنون بشكل احترافي مميز.
في الحفلة الثانية التي طال انتظار الجمهور لها وبمصاحبة فرقته المكونة من 4 مرددين و 9 عازفين على الات الايقاعات الشرقية والافريقية والاورغ والناي والجوز والطبل، يدخل النجم الصاعد الفنان الاردني عيسى الصقار مستهلا غنائه باغنية ” يمه مال الهوا” ويصاحبه شاب مرتديا الثوب الفلاحي الشعبي حاملا مشعل البخور في اداء حركي فيما تموضعت في صحن المسرح فرقة للفنون الشعبية مكونة من 7 شباب لتلتحق بالايقاع الموسيقي بتقديم لوحات من فنون الدبكة.
الفنان الصقار الذي لم يكف الجمهور الكبير ومعظمه جاء للاستماع اليه، وجه في بداية حفلته امنياته لسمو ولي العهد الامير الحسين بن عبالله الثاني بالشفاء العاجل، ليتلوها بوصلة من الاغاني والاهازيج الشعبية الوطنية ومنها “”الله معاك على ما نويتو والاردني ما نخيتو لقيتو”.
وتابع الصقار مقاطعه الغنائية وسط تفاعل كبير من الجمهور بعدد من اغانيه الخاصة باسلوبيتها الشعبية التي تنهل من الموروث الشعبي في مناطق شمالي الاردن لينتقل بعدها الى اغنية مطرب العرب محمد عبهد “لنا الله” ثم يعود الى اغانيه الخصاة ويقدم وسط طلبات الجمهور المتفاعل رقصا وترديدا اغنيته المعروفة ذائعة الصيت “ردي شعراتك” ليشعل المدرج الشمالي بها بشكل غير مسبوق.
وقدم عددا من اغنية المتكئة على الموروث الشعبي ومنها من اغانيه “يمه اعطيني” ليختتم حفلته باغنية “عين ع الدنيا” وسط طلب الجمهور باستمراره بالغناء.
أماالمسرح الجنوبي الذي لم يشهد حضورا جماهيريا كبيرا وضمن برنامج نقابة الفنانين الاردنيين في المهرجان شارك الفنانون يزن الصباغ وسامر أنور ونانسي بيترو في إحياء ليلة طربية اردنية .
واستهل الحفل الفنان يزن الصباغ لاغنية “ع اللي جرى” للفنانة السورية أصالة نصري.
وقدم الفنان الصباغ عددا من الاغاني الطربية الاردنية والعربية ومنها يا حبي اللي غاب للفنان هاني شاكر و”يا طير ياطاير” للفنان الراحل اسماعيل خضر ليختتم باغنية العدليب الاسمر “انا كل ما اقول التوبة”
اما الفنان سامر أنور فقد استهل اغانية باغنية “حياة الروح” للفنان اللبناني فضل شاكر .
وغنى مجموعة من الاغان العربية المعاصرة ومنها “آه يا بوهودلي” للفنانة الكبيرة سميرة توفيق ومدلي للموسيقار ملحم بركات ليختتم وصلاته باغنية “في يوم وليلة” للفنانة الراحلة وردة الجزائرية
وتختتم حفلة المسرح الجنوبي بالفنانة الرقيقة نانسي بيترو التي قدمت مجموعة من الاغاني العربية الطربية ومنها “خذني معك” للفنان اللبناني فضل شاكر و”اما براوة” للفنانة القديرة نجاة الصغيرة ولتختتم وصلتها باغنيتها الخاصة “بلدي الاردن” .
وعلى صعيد البرنامج الثقافي فقد شهد مسرح ارتيمس فعاليات الامسيات الشعرية التي تغنى فيها المشاركون بالوطن.
وفي الأمسية التي تميزت بجمهورها وفرسان الشعر فيها، كان رجع صدى صوت الشعراء في مدرج ارتيمس يأخذ الحضور إلى آفاق رحبة حيث جزالة المعنى وقوة التعبير وصدق العواطف التي جادت بها قرائح الشعراء في أمسية أدارها الشاعر الدكتور محمد الحوامدة، وقدم لها الدكتور علي الحوامدة رئيس اللجنة الثقافية المحلية للمهرجان.
وشارك في الأمسية الشعراء زياد السعودي، والشاعر محمد خالد النبالي، والشاعر خالد القيسي.
والقى الشاعر زياد السعودي قصائد وطنية تغنّت بالوطن وجيشه، وافتتح الأمسية بموال بصوته الجميل أعاد فيه البهاء للشعر وجماله، وأهداها للجيش العربي وبطولاته ومواقفه حيث قال:
“عَزيزُ الجاهِ أرْدُنٌّ النّشامى
حباهُ اللهُ أجنادًا لُهاما
ضراغمُ في الوغى أنّى تلظّت
ومورِيّاتُهم تأبى الّلجاما…”
والقى رئيس تجمع الأدب والإبداع في الأردن ورئيس مجلس ادارة اكاديمية الفينيق للأدب العربي، وعضو رابطة الكتاب الأردنيين العديد من القصائد التي تغنّى بها بالوطن وجيشه، اضافة الى مجموعة مهمة من قصائده الغزلية والإنسانية وغيرها، والتي حازت اعجاب الحضور.

فيما حلّق الشاعر محمد خالد النبالي بقصائده التي خاطب فيها مشاعر الجمهور ففاضت جمالا وموسيقا، سواء الوطنية منها والعاطفية، ففي قصيدته “حكاية عارف” رسم ملامح الحياة المقاومة والصلبة، وترك وجهة نظر في كل الاشياء.
وقدم النبالي قصيدة بعنوان: “الواقفون على الطريق”، وهي قصيدة جديدة كتبت خصيصا لمهرجان جرش بدورته الحالية.
النبالي الذي غنى للأردن ولفلسطين وللحياة والحب، امتلكت قصائده فضاءً لغويا ومعرفيا وأسلوبيا يؤكد على عمق تجربته وامتلاكه القدرة والرؤيا التي تظهر جلية في مفرداته.
ويقول:
” بكل طريقة غنيت حتى
قالت الأوتار عني
إنني أخبرتها كل اللغات
وإنني ولد مشى في الأرض
يعلن للقصيدة كل
أمثال الحياة”
الشاعر والمسرحي خالد القيسي، غازل جمهوره في بداية الأمسية بقصيدة بعنوان: “الواسط”، أهداها لشاعر الأردن عرار .
وقال القيسي عضو أكاديمية الفينيق في القصيدة:
ودعــتُ حورانَ والأشـــواقُ تحمـلـنـي حـمـلَ الغـريـقِ عـلـى كـفـيّ رحـمـن
مـدائـنُ الـشـرقِ مـاسـاتٍ تُطـوقـنـي وواسِــــط الـعـقــدِ أكــنــافٌ لـعـمــان
أذوب فـيـهـا ومـــا زالــــت تُـذوبـنــي حـتـى تماهـيـتُ فــي فُــلٍ وريـحــانِ
أهـوى النجـومَ وفـيّ القلـبُ يعشقُهـا إمـا النجـومُ وإمــا الـمـوتُ يغشـانـي
أهــدي العبـيـر وفــيَ النـفـسُ هـانـئـةٌ كـعـيـنِ طـيــرٍ إذا قـــرّت بـحــورانِ
وقصيدة بعنوان: “تراتيل الشهد واللهب” ، وغيرها من القصائد التي حازت اعجاب الحضور .

زر الذهاب إلى الأعلى

You cannot copy content of this page