أقلام حرة

السادة نواب الامة

عميد متقاعد زهدي جان بيك

يختلف الرواة ، وتختلف الأمم في تحديد تاريخ بداية المجالس البرلمانية ، فمنهم من يقول انها بدأت في ممالك اسبانية عام 1188،… ومنهم من يقول بل ان صلاح الدين الأيوبي كان له مجلس حرب يقوم مقام البرلمان عام 1174 ، وهناك من ينسب انشاء البرلمانات الى أيسلندا التي أنشأت الالثينغي المنتخب (اسم البرلمان الايسلندي) عام 930…. والبعض يعود بها إلى بداية الدولة الإسلامية، ببنما آخرون يعودون بها إلى ملحمة جلجامش البابلية في سومر حيث تم تأسيس البرلمان عام 3000 قبل الميلاد، وكان مكونا من مجلس الشيوخ ، ومجلس الشعب… وهناك من ينسب الفضل بذلك الى الصين، أو الى الفراعنة أو الهند… الخ.

والمقصود بهذه المقدمة التاريخية، ان مجلسكم الموقر ليس طفرة في التاريخ لا سابق له، بل ان الحياة البرلمانية عريقة وقديمة ولها تقاليدها العريقة… دوليا ومحليا… فليس المطلوب منكم اختراع العجلة من جديد… بل لا يعدو المطلوب ان تحافظوا على دوران هذه العجلة التي سبقتكم وجودا، وستبقى بعدكم… بإذن الله

ولا شك بأنكم تدركون وتعلمون ان وجودكم وعدمه محل خلاف وحوار ونقاش على مر العصور منذ خلق الإنسان وطرده الى الأرض من نعيم الجنان.
ومحل الخلاف هو غالبا مبني على مدى الحاجة إلى وظيفتكم، ومدى التزامكم بأداء هذه الوظيفة، وكيفية اختياركم للقيام بها… هذه الوظيفة ، التي لم تزد يوما عن:
المشورة،
والتشريع،
والرقابة،
بالنيابة عنا نحن المواطنين، وبما يمثل وجهة نظر غالبيتنا.
ولتقوموا بهذه الوظيفة، فقد استقر عرفكم ونص نظامكم الداخلي في جزئه السابع على تقسيم العمل بينكم على شكل لجان تقوم كل لجنة منها بجزء من العمل توفيرا للجهد والوقت والمال…
وقد نص العرف والقانون احيانا في دول العالم على أن لجانكم تقوم بعملها من خلال اجتماعاتها مع ذوي الحاجة أو الخبرة أو من يملك المعلومة التي تفيدكم، وهذه الاجتماعات مع هؤلاء تسمى جلسات حوار، أو استماع بل ان هناك رأي يقول ان اساس تسميتكم بالبرلمان تعود اصلا الى الكلمة الفرنسية parler التي تعني يتكلم ومنها يتحاور…. وجلسات الاستماع هذه تناولها نظامكم الداخلي بشيء من التنظيم، دون أن يعطيها حقها وما لها من أهمية. وهي غالبا تنقسم الى:

  • جلسة استماع تشريعية.
  • جلسة استماع تحقيقية.
  • جلسة استماع رقابية.
  • ويضيف البعض جلسة استماع للنظر بتعيينات الوظائف الحكومية.

لب الموضوع:
بما انكم تعملون بالنيابة عنا وتمثلوننا باعتبارنا مصدر السلطات اتمنى عليكم بأن تحفظوا ماء وجهنا وتحافظوا على كرامتنا وهيبتنا كشعب، خاصة عندما تكون جلسات لجانكم منقولة على الهواء تلفزيونيا، فلا يليق بكم وبنا مخاطبة موظف خاضع لرقابتنا من خلالكم بقول: (لو نقعد معاك يومين لن نتمكن من الحصول على جواب)،…
ولا يجوز حفظا لهيبتنا وكرامتنا ان يتم تسليم لجنة الطاقة لديكم تقريراً انتظرناه 5 شهور بعد بدء مناقشة التقرير بساعتين… هذا لا يجوز بل يرقى الى عيب.
ولا يجوز حفظا لهيبتنا وكرامتنا ان يقول احدكم (لو تقعد تشرح فيه عشر سنين ما رح يفهم عليك الشعب الأردني)… لا يجوز…

يا سادة
لا أدري ان كان من جاء بكم قد بين لكم دوركم ام لا… لكن ، الموضوع ليس بحاجة إلى عبقرية لتعلموا انكم في جلسة رقابية تحقيقية، ولستم في لقاء بروتوكولي… مثل هذه الجلسات، لا تقومون بتسجيل مواقف انتخابية، بل تعملون على كشف الحقائق ومحاسبة من أخطأ، وبما يحفظ علينا نحن هيبتنا وكرامتنا، فأنتم تمثلوننا.
ولذلك كان الأولى بكم، حفظا لهيبة الشعب وكرامته ان تدار جلسات لجانكم كما يلي: –

  1. الجلوس :
    من تطلبونه لديكم ليس وفد قادم لزيارتكم، فلا يجوز إطلاقا ان يجلس أعضاء اللجنة في جانب من الطاولة، ويجلس أعضاء اللجنة على الجانب الاخر من الطاولة،… فهذا يعطي القادم إليكم انه زائر وليس مكلف باظهار الحقائق… لا يجوز أن يشعر انه متساوي في جلسته معكم… انتم السلطة وانتم من توجهون الأسئلة وانتم من تراقبون الأداء… يجب أن تجلسوا جميعا كلجنة الى طاولة (ويفضل ان تكون مرتفعه كطاولة القضاة في المحاكم)… كلكم معا، يتوسطكم رئيسكم… ويجلس كل من تطلبون حضوره في الجانب الآخر ويفضل ان يكون بعيدا عنكم قليلا….
  2. عندما تطلبون من أحدهم الحديث يجب أخذ شهادته، أو افادته، أو معلوماته تحت القسم، حتى يعلم جدية الموقف، ويتم محاسبته على جريمة الكذب تحت القسم.
  3. الشخص أو الجهة التي تريدون مناقشتها يجب (اسمعوا وعو) يجب… وللمرة الثالثة يجب أن تقدم لكم تقريرا خطيا موثقا وافيا شافيا كافيا واضحا حول الموضوع الذي تريدون مناقشتهم به قبل وقت كافي من موعد الجلسة، حتى تتمكنوا من دراسته وتحديد نقاط الضعف ومحاور الاستجواب والنقاش… عيب استلام التقرير بعد ساعتين من بدء الجلسة.
  4. بعد تقديم التقرير ، يكون حضور مقدم التقرير الى الجلسة لتقديم موجز بسيط، والاجابة على الأسئلة فقط.
  5. لا يتكلم احد الا بإذن رئيس اللجنة، والسادة النواب من غير أعضاء اللجنة مكانهم في مقاعد خلف اللجنة ، فهم جهة واحدة ، وليس لهم سوى الاستماع دون المشاركة لا في الحوار ولا في السؤال ولا في التصويت.

موضوع هذه الجلسات للجان النيابية موضوع رسمي وليس زيارة مجاملة، أو جلسة حوار… هذه جلسة استماع لمن يملك معلومة سيتم اتخاذ قرار بناء عليها يمس الوطن… ف حافظوا على هيبتها واحفظوا هيبتنا وكرامتنا فهي أمانة باعناقكم لأنكم تمثلوننا.

زر الذهاب إلى الأعلى

You cannot copy content of this page