أقلام حرة

افعال تراكمية لنضال متواصل

حمادة فراعنة

أنهى الطبيب د. أحمد رسلان محاجنة، عمله في مستشفى هداسا عين كارم في القدس الغربية من مناطق 48، أنهى عمله بقرار منه، ووفق إختياره، وتأكيداً لإرادته، نحو الانتقال للعمل في مستشفى آخر شمال فلسطين.

الطبيب أحمد مختص في جراحة القلب، تعرض لقرار فصل تعسفي عنصري من قبل إدارة المستشفى، على خلفية تعاطفه لطفل فلسطيني مُصاب بجراح في صدامات مع جيش الاحتلال، وتم اعتقاله من قبل أجهزة الأمن الإسرائيلية.

الطبيب تعاطف مع الطفل الفلسطيني وعالجه ورفع من معنوياته وخاطبه كمناضل فلسطيني يتعرض للأذى، وقد تعامل معه كطبيب لطفل مريض جريح، فكانت النتيجة أنه هو تعرض للتحقيق والاعتقال، وإلى قرار فصل من عمله، من قبل إدارة المستشفى.

الطبيب محاجنة ابن مدينة أم الفحم، ووالده المحامي المختص المتفرغ للدفاع عن الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين، خاضا معركة شعبية قانونية نالت الرضى والتضامن، خاصة بعد أن رفض الطبيب كافة العروض من قبل مستشفيات أخرى، وأصر على عودته إلى مستشفى هداسا، وهذا ما حصل فعلاً وحقاً، حيث عاد الطبيب الفلسطيني، وأرغم إدارة المستشفى على الإذعان لقرار عودته لعمله منتصراً، رافع الرأس، لأنه لم ينحن، لم يذعن، لم يُساوم، لم يستسلم، وعاد منتصراً وحصل على كافة حقوقه، وبعدها “حلق لهم”، وقدم استقالته، غير آسف على وظيفته في مستشفى ترضخ إدارته لقرارات أجهزة الأمن ورغباتها، وللاتجاهات اليمينية الإسرائيلية المتطرفة المعادية للفلسطينيين وللعرب وللمسلمين وللمسيحيين.

الطبيب أحمد واجه عروض عديدة وإغراءات كثيرة خلال فترة فصله التي استمرت ثلاثة أشهر، ولكنه أصر على العودة فقط منتصراً لعمله في المستشفى، ولقن إدارته ومنها وخلالها لأجهزة أمن المستعمرة درساً ومعرفة وحقيقة أن شعب فلسطين عنيد، صلب، متمسك بحقوقه، وبكل ما يرى أنه صواب، وأن الفلسطيني لا ينحني، لا يُهزم، أمام جبروت المستعمرة الإسرائيلية، وتفوقها وقدراتها.

وفي نفس المستشفى، مستشفى هداسا عين كارم، حققت جمعية الأقصى لرعاية الأوقاف والمقدسات، التابعة للحركة الإسلامية، انتصاراً غير مسبوق بالفعل والنتيجة، على إدارة المستشفى واحتفلت بافتتاح مُصلى للمسلمين داخل المستشفى، بعد عمل حثيث متواصل من قبل المحامية “نسرين” ووالدها المحامي خليل عليان، ومتابعتهما القانونية القضائية، في مواجهة إدارة مستشفى هداسا العنصرية، التي كانت ترفض أن يكون للمسلمين مصلى لهم في أروقة المستشفى ومبانيه، رغم أن خمسين بالمائة من العاملين الأطباء والممرضين هم من ابناء مناطق الجليل والكرمل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة.

الملفت أن كلفة التأثيث، وإعادة بناء المبنى وتجهيزه تم بأموال تطوعية من الأهالي ورجال الأعمال ومن المقاول.

نضال متواصل بأشكال مدنية وأساليب قانونية لا تقل كلفة وعملاً وجهداً عن الوسائل الأخرى، ومكملة لها، في مسيرة استعادة الشعب الفلسطيني لحقوقه الكاملة غير المنقوصة: حقه في المساواة في مناطق 48، حقه في الاستقلال لمناطق 67، وحق اللاجئين في العودة إلى المدن والقرى التي طردوا منها واستعادة ممتلكاتهم منها وفيها وعليها.

زر الذهاب إلى الأعلى

You cannot copy content of this page