أقلام حرة

مشكلتنا عندما نخلط حكي “السرايا” مع حكي “القرايا”..

محمود الدباس

بداية تدل “القرايا” على الافعال والاحاديث وحتى القوانين او الاعراف الشعبية.. و “السرايا” تدل على الافعال والاحاديث والقوانين الرسمية..
فيقال “حكي السرايا ما بيجي على حكي القرايا”.. او اي جملة يمكن قولها في ذات السياق.. وتكون دلالة على ان هناك قاعدة للحديث او الحوار يجب ان ينطلق منها اي شخص او مجموعة او حتى دولة..

وكنت اسمع كثيرا والدي عليه رحمة الله.. حين يتحدث مع اخرين.. ويقول.. بدك نحكي حكي “قرايا” والا “سرايا”؟!..
فلا يجوز ان نتعامل او نتحدث وفق قاعدة معينة.. او مبدأ محدد.. وفي منتصف الحديث او النقاش نغير ارتكازنا من القاعدة التي بدأنا بها الى قاعدة اخرى.. او من مبدأ الى آخر.. وفي الغالب يكون مختلف في الجوهر والمضمون.. وهنا يظهر مدى تمكننا واحترافنا من عدمه..

قد لا يروق حديثي هذا للكثيرين.. ولكنني اخاطب كل من يتعامل بالمنطق المجرد.. ويضع الامور في نصابها.. ويبحث عن الطرق الانجع لايصال ما يريد ايصاله..

خطر ببالي تسليط الضوء على هذا الامر.. لكثرة ما اشاهد واسمع عن المطالبات بتقديم شكاوى للمحاكم الدولية.. ولهيئة الامم المتحدة بخصوص ما يرتكبه الكيان الغاصب من جرائم وانتهاكات على ارض غزة بشكل خاص.. وعلى ارض فلسطين بشكل عام..

وهنا اقول.. علينا ان نحدد بعض المفاهيم كي نستطيع التعامل مع غريمنا.. وحتى نعلم كيف يتعامل ويفهم الغرب الرسمي والشعبي الامور.. وكذلك اسلوب ومحتوى مخاطباتهم..

فإن كنا نتعامل بمنطق “القرايا”.. فاسمحولي ان اجيب بان كل ما نسمعه ونشاهده من تصريحات وتحليلات.. ما هي الا امور تساعدنا على التأمل والتمني وانتظار القادم الجميل بالنيل من عدو مدعوم من كل قوى ومؤسسات العالم..
فلن يحدث ولن نصل ونحصل عليه الا بمبدأ.. لا يفُل الحديد الا الحديد.. وما أخذ بالقوة.. لا يسترد الا بالقوة.. وللحرية الحمراء باب.. بكل يد مضرجة يدق..

اما اذا اردنا التعامل بمنطق “السرايا”.. وخصوصا مع هذا العدو البغيض.. فعلينا ان نضع في الحسبان.. ان المجتمع الدولي له اعرافه وقوانينه وحججه التي يجب ان نعلم كيفية التعامل معها.. ومنها على سبيل المثال..

1- لم يتم الاعتراف بالمقاومة الفلسطينية وخصوصا حماس على انها حركة تحرر ومقاومة وطنية وشعبية ضد المحتل.. لا بل يصورونها على انها حركة ارهابية.. وتثير القلاقل والفتن.. وهي صورة من صور داعش..
2- الكيان المحتل.. يمثل دولة مستقلة ذات سيادة.. ومعترف بها دوليا.. وهي الراعي لشؤون الارض والبشر ضمن حدودها..
3- أية حركة يقوم بها النظام لقمع محاولات للانقلاب على شرعيته.. تعد من الامور المدعومة دوليا.. ولا يجرمه عليها احد.. (طبعا اذا كان ساسة العالم.. راضين عن ذلك النظام)..

مما سبق.. اجد الكثيرين ممن نسمعهم او نشاهدهم للاسف.. تجدهم يتحدثون بطريقة الخلط بين المفاهيم.. والذي يحدد ذلك.. هو محاولتهم اقناع المتلقي بما يريدون.. فتارة يريدون ان يذهبوا الى الهيئات الدولية.. وتارة يرددون لا طريق الا طريق المقاومة..
وتارة يربطون المقاومة ربطا وثيقا بالمدنيين في غزة.. حتى يصوروا للناس ان رصيد المقاومة لا ينفذ.. فيرددون على الملأ ان كل غزة مقاومة..
وتارة يفصلونهما.. لكي يوصلوا للمجتمع الدولي.. ان ما يرتكبه العدو الغاصب.. ما هي الا مجازر وابادة واستهداف للمدنيين..

في الختام اقول.. هذا نداء لكل من يتحدث ويكتب.. علينا ان نراقب حديثنا وتصريحاتنا وكتاباتنا.. فالعدو يرصد ويراقب ويجمع ويربط كل ما يصدر عنا.. وسيعيده حججا علينا.. لاننا لا نراعي ماذا نقول.. ومتى نقول.. وكيف نقول.. وتسيرنا العاطفة في الكثير من أمورنا..

زر الذهاب إلى الأعلى

You cannot copy content of this page